تكليف مصطفى أديب بتشكيل الحكومة يحبط محاولات التدخل التركي في لبنان

Lebanon's ambassador to Berlin Mustapha Adib (C) arrives at the presidential palace in Baabda, east of Beirut, on August 31, 2020, upon being named as the country's new premier. - Lebanon named its envoy to Germany as the new premier to steer the country through a deep crisis after the Beirut explosion compounded a sharp economic downturn. (Photo by JOSEPH EID / AFP)

اوجه الحقيقةبيروت – 

قطع تكليف السفير مصطفى أديب ، المدعوم من باريس، بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة الطريق أمام محاولات أنقرة التسلل إلى لبنان عبر بوابة الشمال، بحسب مراقبين، فيما اعتبر جزء من صراع فرنسي تركي شرق المتوسط.

واستدعى الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الإثنين، أديب السفير اللبناني في ألمانيا، لتكليفه بتشكيل الحكومة بعد أن حصل على تأييد أغلبية النواب عقب المشاورات النيابية التي انطلقت صباح اليوم نفسه.

وتمثل مدينة طرابلس التي ينحدر منها مصطفى أديب ، الخزان الشعبي للطائفة السنية، وتحاول تركيا التسلل منها إلى الداخل اللبناني عبر دعم مجموعات وتمويل أخرى تحت شعار مساعدات إنسانية وتعليمية، بحسب مصادر سياسية .

ومنذ عام 1989 تحكم المحاصصة الطائفية قواعد اللعبة السياسية في لبنان التي وقع فرقائها اتفاق الطائف في ذلك العام لينهي 15 عاما من الحرب الأهلية.

وأديب الذي ينحدر من طرابلس في شمال لبنان لا ينتمي لأي حزب سياسي وإن كان قريبا من الرئيس نجيب ميقاتي الذي يعد واحداً من أركان المنظومة السنية في لبنان المؤيدة للمواقف العربية.

وقالت الباحثة في علم الاجتماع السياسي الدكتورة هدى رزق في تصريحات صحفية إن “رئيس الحكومة هو من الخزان السني الذي يتكئ عليه جميع رؤساء الحكومة لتولي رئاستها، لأنه ومنذ قبل الحرب الاهلية كان دائما رئيس الحكومة إما من بيروت وهي العاصمة السياسية، وإما من الشمال، وقلما أتى رئيس من صيدا كما حصل مع الرئيس الراحل رفيق الحريري (رئيس الوزراء الراحل) الذي نقل هويته إلى بيروت”.

وبحكم أصوله الطرابلسية لا يمثل أديب منافسا لرئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري في الساحة البيروتية التي تعتبر مركز الثقل السياسي للحضور السني في لبنان.

وأعلن الحريري قبل أيام أن اسمه ليس مطروحا على مائدة المشاورات لاختيار رئيسا للوزراء.

ويعد وجود أديب في السراي الحكومي سبيلاً لقطع الطريق على مناوئين سياسيين لرؤساء الحكومات السابقين، وفي الوقت نفسه يقطع الطريق على محاولات التسرب التركي إلى الداخل اللبناني.

وتقول مصادر سياسية في طرابلس :إن تركيا تحاول التسلل عبر المساعدات الإنسانية التي تعوّض الغياب الحكومي ومؤسسات الدولة بالنظر إلى أن تمثيل طرابلس في الحكومة في السنوات الأخيرة كان هزيلاً، وبالتالي “فإن تعزيز حضور مؤسسات الدولة عبر وزراء من الشمال ووزارات خدماتية توفر الخدمات للناس، سيقطع الطريق على المساعدات التركية، وبالتالي محاولات فرض حضورها من باب المساعدات المزعومة”.

وتولّى أديب منصب مستشار رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي منذ العام 2000 وحتى تعيينه سفيراً وظلّ مقرّباً منه. وبين عامي 2005 و2006، مثّل ميقاتي، كرئيس حكومة، أمام اللجنة الخاصة المكلفة بوضع قانون الانتخابات الجديد.

وساهم الدفع الفرنسي نحو تشكيل حكومة تحظى برضى الأغلبية السنية، في إيصال أديب المتزوج من فرنسية للمنصب الرفيع.

وجاء أديب ليخلف حسان دياب الذي استقال على خلفية تفجير مروع أتي على مساحات شاسعة في بيروت لينهي شهور من التململ عاشتها المدينة التي حرمها فيروس كورونا من مواصلة المظاهرات ضد الطبقة السياسية في البلاد، والتي مثل دياب وجهها غير المرحب به.

وفي أعقاب تفجير المرفأ أوائل الشهر الجاري زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بيروت وألقى بثقل بلاده خلف الدفع لإيجاد عقد اجتماعي جديد في لبنان.

ويأتي تكليف أديب في ظل تصاعد التوتر الفرنسي – التركي على خلفية الأزمة اليونانية، حيث تعتبر باريس أن أطماع أنقرة في غاز المتوسط يدفعها لإثارة التوتر في المنطقة إلى جانب دعمها للإرهاب في ليبيا ودول الساحل الأفريقي واعتدائها على الشمال السوري.

وقالت الدكتورة رزق وهي متخصصة بالشأنين التركي والكردي، إن “قوة السفير مصطفى أديب اليوم أولا هي فرنسا”، موضحة أن “المبادرة الفرنسية اليوم هي محصلة لما نراه في شرق المتوسط وفي الصراع في مواجهة تركيا، ومن ضمنه الصراع في المتوسط بين دول أوروبية ومصر وقبرص واليونان ضد تركيا”، وبالتالي فإن تقويض نفوذها في شمال لبنان سيكون جزءاً من محصلة ذلك الصراع.

وأضافت: “لا نستطيع أن نحلل الواقع اللبناني من داخل لبنان، إذ يجب أن نقرأه من الإقليم”، وبينما هناك محاولة تركية للتسلل الى الزعامة السنية اللبنانية الداعمة تقليدياً للإجماع العربي، ترى رزق أن هناك صراع بين فرنسا وتركيا على شرق المتوسط، تركيا تريد أن تفرض نفوذاً، وهو ما دفع فرنسا لإحباطه أخيراً في لبنان.

وتوضح رزق: “الشمال هو جزء من الصراع، لذلك يجب أن يأتي الرئيس من الشمال بالنسبة إلى فرنسا، وثانيا يجب أن يكون منفتح على الحداثة أي ألا يكون من الزعامات التقليدية، فهو يحمل شهادة الدكتوراه وهو سفير وأكاديمي وسيرته الذاتية ممتازة”.

Exit mobile version