أوجه الحقيقة – تونس –
تجمّع أنصار حركة النهضة، السبت، وسط العاصمة تونس، في مسيرة قامت الحركة بالتعبئة والتحشيد لها منذ أكثر من أسبوع، لاستعراض قوتها أمام خصومها السياسيين والرد على الرئيس قيس سعيد ودعوات حل البرلمان، وسط مخاوف من انزلاقها نحو الفوضى والعنف.
ووسط انتشار أمني مكثّف، احتشد متظاهرو النهضة الذين توافدوا من عدة محافظات عبر حافلات وشاحنات وفرّها حزبهم، في ساحة حقوق الإنسان وسط العاصمة تونس، ثم تحركوا نحو شارع الحبيب بورقيبة، ورفعوا شعارات مؤيدة للحركة.
وأغلقت الداخلية التونسية منافذ العاصمة تحسبا لأي تهديدات إرهابية، فيما وصف الاتحاد التونسي للشغل التظاهرات التي دعت إليها حركة النهضة بأنها استعراض عضلات.
وتأتي المظاهرات تزامنا مع مسيرات لحزب العمال تنديدا بما سموه عبث المنظومة الحاكمة بمصالح البلاد وشعبها.
وانطلقت المسيرة العمالية من ساحة باب الخضراء باتجاه شارع بورقيبة، وهو ما أثار المخاوف من إمكانية حدوث تماس بين التظاهرتين وسط تحذيرات من انزلاق الوضع نحو العنف والفوضى.
في هذا السياق، كشف القيادي في حزب التيار الديمقراطي والنائب بالبرلمان محمد عمار، أن حركة النهضة استخدمت الأموال لحشد الجماهير وجلبهم للمشاركة في هذه المسيرة، من أجل استعراض القوّة والدفاع عن زعيمها راشد الغنوشي.
وجاءت مسيرة النهضة التي أطلقت عليها الحركة شعار “الدفاع عن الشرعية والمؤسسات والدستور”، للرد على مظاهرات مضادّة خرجت قبل أسابيع داعمة للرئيس قيس سعيد، تطالب باستقالة الحكومة وحل البرلمان وتغيير النظام السياسي، رفعت فيها شعارات مناوئة لحركة النهضة التي اعتبرت أنها أحد أهم محركات الأزمة السياسية في البلاد، وكذلك مناهضة لزعيمها راشد الغنوشي.
وحمّل المعارض البارز نجيب الشابي حركة النهضة، مسؤولية ما ستؤول إليه الأوضاع بعد دعوة أنصارها إلى الشارع لاستعراض قوة عضلاتها، محذرا من خطورة المشهد السياسي المتأزم في البلاد وما أصبح يهدد أمنها واستقرارها.
وقال الشابي في اجتماع بمدينة الكاف، إن حركة النهضة سبق وأن استعملت الشارع للصراع مع الدولة، الشيء الذي كانت له عواقب وخيمة وكارثية على الحياة السياسية وعلى أمن الدولة، مشيرا إلى أن الصراع الذي تحوّل إلى الشارع يعبر عن رغبة حركة النهضة في الدخول في مواجهة جديدة مع الدولة وهوما سيقود إلى مزيد تعميق الأزمة السياسية.
ومن جانبه، اعتبر النائب بالبرلمان هشام العجبوني أن ما تحاول القيام به حركة النهضة اليوم هو “التغطية على فشلها الذريع طيلة 10 سنوات في تغيير واقع تونس والتونسيين”، مضيفا أن “الثورة أتت بها إلى السلطة على أساس استحقاقات سياسية واقتصادية واجتماعية ولكنها تصرفت مع السلطة كغنيمة وفرصة للتمكين ولم تحاول إحداث قطيعة مع منظومة الفساد والاستبداد، بل حاولت تعويضه على رأس نفس المنظومة الفاسدة، والتي ازدادت فسادا تحت حكم النهضة وتحالفات زعيمها راشد الغنوشي و توافقاته المغشوشة”.
وتحدث هذه التحركات الميدانية، في ظلّ أزمة سياسية غير مسبوقة تعيشها تونس، بسبب صدام بين رؤوس السلطة (الجمهورية، الحكومة والبرلمان)، وكذلك مع سعي كتل المعارضة في البرلمان إلى جمع التوقيعات الضرورية للتصويت على سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، المتهم بسوء إدارة المؤسسة التشريعية واستغلاله لخدمة مصالح حزبه والمقرّبين منه.