أوجه الحقيقة – بيروت –
يبدو أن كلام ديفيد هيل، مساعد وزير الخارجية الأميركي، لامس إلى حد بعيد الواقع على الأرض في لبنان، أو أقله قناعات شريحة من اللبنانيين، من أن ” حزب الله كان ولا يزال جزءاً من الطبقة الفاسدة في لبنان”، أو شريكاً لها على الأقل لجهة تغطيته وصمته، بحسب ما يرى بعض مؤديه أيضا!.
فبعد 15 عاماً على اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، أصبح حزب الله قوة مهيمنة وكبيرة في بلد ينهار وسط سلسلة من الأزمات المدمرة، وسط تخطي عدد الفقراء خلال العام الحالي عتبة الخمسين في المئة على وقع انهيار اقتصادي متسارع.
إلا أن الحزب الذي كان بمثابة رأس الحربة لطهران في الحرب السورية وفي أنحاء المنطقة، بات يواجه غضباً شعبياً بسبب الانفجار الذي شهده مرفأ بيروت، وكان صدمة كبيرة للبلاد، أضيف إليه صدور حكم المحكمة الدوليةفي قضية الحريري قبل يومين.
فهذا التدهور السياسي والأمني والاقتصادي، لا سيما بعد انفجار بيروت، زعزع صورة هذا الحزب “القوي”. وقال مصدر مطلع لوكالة رويترز إن لبنان بدأ ينفلت من بين أصابع “حزب الله”.
وتابع موضحا: “بالحصول على الأغلبية في الانتخابات البرلمانية ووجود الرئيس في جانبهم اعتقدوا أنهم سيطروا على البلاد، لكن ما حدث الآن أن حزب الله وحلفاءه امتلكوا السلطة، لكنهم خسروا البلد والشعب”.
السعودية: اغتيال الحريري كان أكثر أعمال حزب الله تأثيراً على أمن لبنان
تيار المستقبل: المحكمة أثبتت إدانة حزب الله في جريمة اغتيال رفيق الحريري
وقد واجه الحزب المدعوم من إيران انتقادات متنامية لفشله البادي في تنفيذ الإصلاحات الموعودة منذ الفوز بأغلبية برلمانية مع حلفائه في 2018.
وفي هذا السياق، قال ماجنوس رانستورب، الخبير في شؤون “حزب الله”: ثمة مشكلات كثيرة داخلياً، بخلاف انفجار المرفأ، البلاد تنهار تحت أقدامهم.
بدوره، اعتبر مهند حاج علي، الباحث الزميل بمركز كارنيجي الشرق الأوسط، أن حزب الله فشل فشلاً ذريعاً في الحفاظ على وعده في الانتخابات بمحاربة الفساد. وأضاف: لم يقدموا أي شيء على الإطلاق فيما يتعلق بهذا الوعد، وفي الواقع أصبحت حملتهم المناهضة للفساد نكتة رائجة الآن”
كما رأى أن “حزب الله كما الطبقة الحاكمة لم يكونوا يوما في موقف أضعف مما هم عليه الآن”.
وإلى جانب الضغط الشعبي يواجه حزب الله ضغوطا دولية على ضوء الانفجار الهائل الذي ضرب مرفأ بيروت ولا يزال صداه يتردد بين أبناء هذا البلد المحاصر بسبب الإهمال والفساد.
ومع أن التنظيم المدعوم عسكرياً ومالياً من إيران أعلن على لسان أمينه العام حسن نصرالله أن لا علاقة له بالانفجار، وذلك ردّاً على الأصوات التي ارتفعت متّهمةً إيّاه بالتواطؤ بشكل غير مباشر في ما حصل، لأن المرفأ يخضع لسيطرته، غير أن حجم الحدث ونتائجه الكبيرة وغير المسبوقة، دفع باللبنانيين إلى إفراغ جام غضبهم على الطبقة السياسية ومن ضمنها حزب الله بسبب فسادها وإهمالها الذي سبّب بكارثة حصدت أكثر من 170 قتيلاً وآلاف الجرحى.
وفي السياق، قال السياسي المعارض لـ”حزب الله” علي صبري حمادة “إن أبناء بعلبك-الهرمل (غالبيتهم من الشيعة المحسوبين على الثنائي حزب الله وحركة أمل) ممتعضون من عدم تنظيم وقفات تضامن مع أهالي بيروت بعد الانفجار الذي ضرب المرفأ كما فعلت مناطق لبنانية أخرى”.
لكن حمادة، ابن منطقة الهرمل قرب مدينة بعلبك البقاعية الذي ترشّح أكثر من مرّة للانتخابات النيابية ضد لائحة حزب الله، لفت أيضا إلى “أنه مقابل هذا الامتعاض، يوجد نوع من الخوف عنده من أن يكون انفجار المرفأ الذي صوّبت سهام الاتّهامات بشأنه إلى حزب الله مقدّمة لاستهدافهم”.
لاهاي تنطق بالحكم في قضية اغتيال الحريري والمتهمون مختفون وينتمون لحزب الله
رئيس الوزراء العراقي يبلغ إيران رفضه تدخلها في شئون العراق الداخلية
إلى ذلك، رأى “أن مشهد تعليق المشانق في وسط بيروت لزعماء سياسيين من بينهم أمين عام حزب الله وتحميلهم مسؤولية انفجار المرفأ، فضلاً عن حركة البوارج الأجنبية في اتّجاه لبنان وما رافقها من زيارات لمسؤولين أميركيين إلى بيروت، شكّلت “فرصة” للحزب لشدّ عصب البيئة الحاضنة تحت عنوان “المؤامرة” ضده وضد المقاومة، وليتسنّى له التفرّغ للملفات السياسية الداخلية”.
وأعاد انفجار بيروت تسليط الضوء على ملف الفساد الذي ينخر جسم الدولة اللبنانية وعمليات التهريب التي تتم عبر المعابر غير الشرعية والشرعية منها المرفأ ومطار بيروت.
بدوره، قال أحمد وهو من المقرّبين من جمهور حزب الله، “إن البيئة الحاضنة له ممتضعة من سكوته عن الفاسدين المتورّطين في انفجار المرفأ وكأنه بذلك يؤكد التحليلات التي ذهبت إلى حدّ تورّطه مباشرةً بانفجار المرفأ”.
وعلى رغم أن بيئته الحاضنة مُقتنعة بعدم تورّطه، إلا أنها تطالبه وفق أحمد (من البقاع) بإخراج نفسه من دائرة الاتّهامات من خلال رفع الغطاء عن الفاسدين الحقيقيين (من مختلف الطوائف) والمطالبة بمحاكمتهم كي يكونوا عِبرة لغيرهم”.