أوجه الحقيقة – إيران –
يوما بعد يوم، يفقد النظام الإيراني قاعدته الشعبية، ويخسر الكثير من الأتباع، في إشارة واضحة على تراجع قبضته بشكل حاد، واقتراب نهايته.
ووفق استطلاع أجرته مجموعة تحليل وقياس المواقف في إيران “GAMAAN”، وهي مؤسسة غير ربحية مقرها هولندا، فإن 32% من الإيرانيين يؤيدون النظام الحالي، ويرون أنفسهم مسلمين شيعة.
فيما يؤمن 26% فقط بالإمام المهدي المنتظر، وهو أحد المبادئ الأساسية للشيعة الإثنى عشرية، وهو المذهب الذي يتبعه ويروج له النظام الإيراني.
وشارك في الاستطلاع 50 ألف إيراني، 90% منهم يقيمون داخل إيران، وتقول مجموعة تحليل وقياس المواقف، إن نتائج الاستطلاع دقيقة بنسبة 95% وقابلة للتعميم على المجتمع الإيراني.
ووفق الاستطلاع ذاته، فإن 68% من الإيرانيين يرفضون أن يكون الدين أساس التشريع، فيما يرفض 42% الترويج للأفكار الدينية في المجال العام، ويعتقد 71% أن الدولة يجب أن توقف التمويل الحكومي للمؤسسات الدينية.
وأظهر الاستطلاع أيضا أن 73٪ من الإيرانيين لا يوافقون على الحجاب الإلزامي، بينما لا يؤمن 58٪ بالحجاب على الإطلاق.
وعلق مركز “مينا واتش” البحثي النمساوي المعني بقضايا الشرق الأوسط، على هذا الاستطلاع قائلا، “لا تعكس هذه النتائج تراجعا في شعبية النظام الإيراني فقط، بل تدلل على تآكل الأسس التي شيد على أساسها”.
وتابع “الشعب يرفض النظام وسياساته، والأسس الدينية التي يروج لها منذ ثمانينيات القرن الماضي، وكل القيم التي يمثلها هذا النظام لم تعد تحظى بتأييد وشعبية في الشارع”.
وأضاف “هناك انفصال تام بين النظام، ونخبته، والغالبية العظمى من الناس في إيران، وهذا ينذر بنهاية قريبة لنظام طهران”.
وظهرت أزمة الشعبية العميقة التي يعاني منها النظام الإيراني في الانتخابات التشريعية التي أجريت فبراير/شباط الماضي، إذ شهدت تراجع كبير في نسبة المشاركة.
وخلال الانتخابات، حاول النظام الإيراني بكل قوته دفع الناس للمشاركة، لكن الشعب قاطع العملية الانتخابية، وحرم النظام من الاحتفاء بعودة المتشددين للسيطرة على البرلمان بعد انتخابات كانت نتائجها معروفة مسبقا، وفق المركز النمساوي.
ووفق المركز نفسه، لم يتعرض النظام الإيراني لمثل هذه الأزمة العميقة من قبل، كما أن الأوضاع الاقتصادية المتردية، و الكارثة الصحية التي تعرضت لها البلاد في ظل تفشي فيروس “كورونا”، وانهيار قيمة العملة تحت ضغط العقوبات الاقتصادية الأمريكية تضع النظام في مأزق كبير، وتنذر بمزيد من التراجع في شعبيته.
وكانت صحيفة “دي تسايت” الألمانية، قالت في تحليل نشرته مؤخرا، إن “الشعب بات مدركا للأزمة الكبيرة التي تعانيها البلاد، خاصة مع ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب إلى 25 %”.
وتابعت “في كل عام يهرب 150 ألف شخص من ذوي المؤهلات العليا، والموهوبين إلى الغرب، طهران تعاني من أعلى معدل هجرة عقول في العالم، حيث لم يعد الناس يؤمنون بأكاذيب السلطة”.
وأضافت “في مثل هذه الظروف، تسير البلاد في طريق نحو المزيد من الاضطرابات والاحتجاجات داخليا، مشيرة إلى أن مستقبل النظام الإيراني بات على المحك بشكل لم يحدث في الأربعين عاما الماضية”.