تفاصيل مروعة وحقائق دامغة تتسرب من عرين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لتفضح ردهة خلفية صادمة لحقيقة مسرحية محاولة الانقلاب قبل 4 سنوات.
مسرحية حبكها لتصفية معارضيه، وتقديم الآلاف من المسؤولين والقادة العسكريين قرابينا في سبيل إحكام قبضته على دواليب السلطة في بلد بدأ يلفظ دكتاتوريته، ويسأم سياساته المتخبطة.
أدلة جديدة تستعرض قصة محمد تانجو بوشور، القائد السابق لقوات الحرس الجمهورى لأردوغان، والمسؤول عن مهاجمة التليفزيون الرسمي التركي “تي آر تي” بالعاصمة أنقرة، أولى فصول مسرحية الانقلاب في 2016.
صباح يوم 16 يوليو/تموز 2016، تم احتجاز بوشور بصورة غير قانونية داخل المستشفى، بينما كان يستعد للخضوع لعملية جراحية جراء الإصابة خلال إطلاق النار، واقتحم مجهولون حجرته وبدأوا بضربه، ثم صفدوا يديه بدون كشف هويتهم أو الاتهامات ضده.
ونقل بوشور إلى حجز غير رسمي في صالة رياضية كانت تضم نحو ألف شخص في ظروف وصفها بالمشابهة لمعسكرات النازية.
ولمدة عشرة أيام، تعرض للتعذيب وسوء المعاملة بذلك المكان الذي حرم فيه الضحايا من الطعام والمياه، وبدون السماح لهم باستخدام المرحاض، إلى جانب تعرضهم للضرب باستمرار عل يد الحراس، وإجبارهم على الجلوس في وضعيات صعبة، مثل الركوع على أرض صلبة لساعات وأيديهم مكبلة بالأصفاد خلفهم.
وفصل بوشور عن المجموعة التي كان معها، وعصبت عيناه، وتم اقتياده إلى حجرة أخرى كان تضم ثلاث فرق حاولت تطبيق شتى أساليب التعذيب عليه لمدة عشرة أيام.
وبحسب الموقع نفسه، قال بوشور أمام المحكمة إن طريقة التعذيب التي طبقتها مجموعة التحقيق الأولى كانت بضربه ولكمه بمناطق حساسة من جسمه، واستهداف عضلاته حتى تمزقت.
أما المجموعة الأخرى التي تولت عملية التعذيب باليوم الثاني، فحاولت إجباره على توقيع اعتراف ملفق، عبر استخدام الصدمات الكهربائية حد فقدان الوعي.
ومتحدثا عن ذكريات تعذيبه المروع، استطرد بوشور: “عندما كنت يقظًا، اعتدت الألم، لكنني لم اعتد على رائحة اللحم المحترق خلال عام ونصف. هذه الرائحة أزعجت أيضًا من قاموا بتعذيبي وكانت تجعلهم يتقيئون بين الحين والآخر.”
ولاحقا، يضيف، جاء شخص يبدو أنه رئيس الحرس، وأخبر فرقة التعذيب: “لا تحاولوا جاهدين، ضعوه بحقيبة واتركوه”، وهو ما جعله يعتقد أنهم سيقتلونه، ويضعون جثمانه في كيس الجثث، لكنه كان مخطئا، حيث علم أن وضعه داخل الحقيبة هو أسلوب تعذيب جديد.
وقال العقيد أمام هيئة القضاة خلال جلسة المحاكمة المنعقدة بالدائرة 19 للمحكمة الجنائية العليا في أنقرة، يوم 5 مايو/آيار 2018: “لا أعلم إلى متى استمر هذا الأمر، لكنني اختبرت المعنى الحقيقي للألم”.
بعد التعذيب، نقل بوشور إلى مكتب النائب العام برفقة أحد أفراد فرق التعذيب، وطلب منه المحامي الذي تم اختياره له عدم قول أي شيء عن التعذيب.
وأخبره “إن تحدثنا عن التعذيب الآن، سيواصلون تعذيبك، لذا دعنا لا نتحدث عنه”، فيما لم يُسمح للمحامي بالدخول معه للنائب العام.
وحثه النائب العام على الاعتراف بانتمائه لجماعة إرهابية، في إشارة إلى حركة جولن التي تتهمها الحكومة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب وهو ما ينفيه الرجل المقيم في الولايات المتحدة.
وتابع بوشور: “قال (النائب العام) إن اعترفت بانتسابي للحركة، فسيؤمن إطلاق سراحي خلال أول جلسة استماع، أو سيحتجزني لشهر آخر بجهاز الاستخبارات هذا كان قوله، وفهمت أن النائب العام علم بشأن تعذيبي.”
ووفق المدعي العام الذي أدان بوشور ظلمًا لاحقًا، بأنه سجن في 23 يوليو/تموز 2016، بينما في الواقع تم جره من على سرير المستشفى في الـ 16 من الشهر نفسه.
وطبقًا لبوشور، كانت هذه محاولة متعمدة لتبرئة السلطات من انتهاك حقوق الإنسان، والتستر على الأدلة المتعلقة بعمليات التعذيب التي تعرض لها.
بحسب “نورديك مونيتور”، قال بوشور إنه تلقى أوامر بمتابعة التدريبات العسكرية، لكن لاحقًا أخبره أحد القادة بتلقيهم أوامر جديدة من هيئة الأركان لإرسال الدعم لـ”تي آر تي” لتأمين المبنى ضد هجوم إرهابي محتمل.
ولفت بوشور إلى أن كلاب الشرطة كانت برفقة القوات، وبالتالي إذا كانت تلك محاولة انقلاب فلم يكونوا ليحتاجوا إليها، فضلًا عن أنه في الوقت الذي بدأوا يتخذون فيه مواقعهم، بدأت مجموعة من 40 ضابطًا بإطلاق الرصاص عليهم.
وعندما ذهب للتحدث مع قائد الشرطة، أوضح لهم السبب وراء تواجدهم، لكن المسؤول أخبر الشرطي أنهم تلقوا أوامر بإخراج الجنود من المبنى.
وأشار “نورديك مونيتور” إلى أنه من الواضح أن المخططين لمسرحية الانقلاب حشدوا وحدات الجيش والشرطة بناء على أوامر متعارضة تمامًا، بينما دعوا المدنيين للتجمع هناك.
وكشف بوشور، وفق المصدر نفسه، أمام المحكمة أنه علم لاحقًا أن زكي أكسكالي، قائد القوات الخاصة الذي عمل مع الاستخبارات التركية في تنفيذ مسرحية محاولة الانقلاب الفاشلة، أمر ظلمًا بإعدامه.