أوجه الحقيقة – لبنان –
خلافاً لزيارته السابقة التي خصصها فقط للقاء مسؤولين من المجتمع المدني والحراك الشعبي، عقد مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، سلسلة لقاءات مع شخصيات سياسية إلى جانب اجتماعه، أمس الجمعة، برئيسي الجمهورية ميشال عون والبرلمان نبيه بري.
ومع أن المسؤول الأميركي أتى إلى لبنان للمشاركة في افتتاح الجلسة الأولى من مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل التي انطلقت برعاية الأمم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة، مسلّماً شعلة الوساطة والمتابعة لملف الترسيم إلى السفير الأميركي السابق في الجزائر جون ديروشيه، إلا أن محادثاته مع المسؤولين السياسيين تنقّلت بالإضافة إلى الترسيم، بين ملف العقوبات على حزب الله وحلفائه وصولاً إلى تعاطي واشنطن مع الحكومة اللبنانية الجديدة المُزمع تشكيلها.
ففي ملف الترسيم، نقلت مصادر مطّلعة على لقاءات شينكر في بيروت : “تفاؤل واشنطن بانطلاق المفاوضات بين بيروت وتل أبيب، وأن إتمام هذه المفاوضات بمثابة “نعمة” طويلة الأجل للاقتصاد اللبناني المُنهك، توفّر العائدات للخزينة “الفارغة” نتيجة التدهور الاقتصادي والمالي والفساد الذي نخر جسم الدولة ومؤسساتها”.
واعتبر شينكر بحسب المصادر “أن معالجة الخلاف الحدودي بين إسرائيل ولبنان ستدخل الأخير في نادي الدول المُنتجة للغاز، وستفتح الباب أمامه لإجراء مناقصات شفّافة مع شركات عالمية متخصصة مثل “توتال” الفرنسية و”إيني” الإيطالية” من أجل استخراج ثرواته الطبيعية”.
أما بالنسبة للحكومة التي تتخبّط بلعبة المحاصصة والشروط المتبادلة في وقت لا يبدو أن الاستشارات النيابية المُلزمة لاختيار رئيس مكلّف ستعقد الخميس المقبل كما هو مقرر، فإن الولايات المتحدة كما أوضحت المصادر المطّلعة لا تزال على موقفها لجهة “عدم التعامل مع أي حكومة تضم ممثلين عن حزب الله حتى لو كانوا وزراء لا يحملون الصفة الحزبية وحتى لو كان رئيسها سعد الحريري”.
فواشنطن تعتبر بحسب المصادر “أن كل حكومة تضمّ ممثلين عن حزب الله هي حكماً حكومة حزب الله، ولن تتعامل معها، كما أن ملف الترسيم منفصل تماماً عن سياستها تجاه الحزب الذي تُصنّفه منظمة إرهابية”.
إلى ذلك، أوضحت المصادر “أن مساعدات واشنطن للبنان لن تكون شيكاً على بياض ما لم تحزم السلطات أمرها بعدم تغطية حزب الله سياسياً”.
غير أن اللافت في مقاربة المسؤول الأميركي لوضعية حزب الله، أن واشنطن لا يمكنها مواجهة الحزب ما لم يكن هناك دعم لبناني داخلي لذلك. فشينكر ألمح وفق المصادر المطّلعة إلى “أن إضعاف حزب الله وإعادته الى اللعبة السياسية لا يتم فقط بكبسة زر أميركية، وإنما يجب أن يكون هناك ضغط شعبي وسياسي داخلي يصبّ في هذا الاتجاه من خلال مطالبته بأن يكون حزباً سياسياً شأنه شأن باقي الأحزاب”.
وأكدت المصادر “أن لبنان على رأس سلّم اهتمامات الولايات المتحدة في صراعها مع إيران، وفكرة التخلّي عنه غير واردة، لأن حزب الله يُشكّل أحد أبرز وأهم الأذرع العسكرية التابعة لإيران. من هنا فإن إضعافه سيؤدي حكماً إلى إضعاف طهران، وبالتالي جلبها إلى طاولة المفاوضات مجدداً”.
أما في ملف العقوبات على الحزب وكل من يُقدّم له الدعم المادي أو السياسي، فالإدارة الأميركية ماضية في صراعها مع إيران عبر حزب الله، وهي تعتبر أن العقوبات أفضل السلاح للمواجهة.
كما أشارت المصادر إلى “أن لا علاقة للعقوبات بملف ترسيم الحدود كما يروّج. صحيح أنها جُمّدت هذه الفترة بسبب انشغال الإدارة الأميركية بالانتخابات الرئاسية المُقررة مطلع نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، إلا أنها ستعود بزخم بعد الانتخابات”.
وفي الإطار، كان لافتاً “استثناء” شينكر في لقاءاته الاجتماع برئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل (صهر رئيس الجمهورية) في وقت تشير المعلومات والتحليلات الصحافية إلى أن اسمه قد يُدرج على لائحة العقوبات بسبب تحالفه مع حزب الله وتقديمه الدعم السياسي له.
وفي هذا السياق، أوضحت المصادر “أن وضعية باسيل في الولايات المتحدة لم تعد نفسها كما كانت أيام مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل، فالأخير كان يتّبع سياسة الوقوف على مسافة واحدة من معظم المسؤولين السياسيين والتحدّث معهم جميعاً”.
كما رأت أنه “ما لم يُغيّر باسيل وفريقه سياستهم مع حزب الله فإن العقوبات ستكون بانتظارهم”.