اتفاق مؤقت لحل سد النهضة بين مصر والسودان برعاية أمريكية

الملئ الثاني للسد
مصرأوجه الحقيقة

حراك أمريكي، وافريقي بخصوص قضية حل سد النهضة لمحاولة تهدئة الأوضاع تتمثل في إقناع مصر والسودان بقبول توقيع مؤقت لإدارة الملئ الثاني لسد النهضة وتشغيله حتى عام 2022، بدلاً من التوصل لإتفاق نهائي على قواعد ملئ السد

التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة بنظيره الكونغولي الديمقراطي فيليكس تشيسكيدي، رئيس الاتحاد الأفريقي، وأعلن أن مصر لن تقبل بالمساس بأمنها المائي، وبالتالي ضرورة التوصل إلى الاتفاق القانوني الملزم المنشود بشأن قواعد ملء وتشغيل سدّ النهضة الإثيوبي، والذي يحافظ على حقوق مصر المائية ويحقق مصلحة جميع الأطراف ويجنب المنطقة المزيد من التوتر وعدم الاستقرار، معرباً عن دعمه لجهود تشيسيكيدي التوفيقية.

خلال لقاء المبعوث الأمريكي لمنطقة القرن الإفريقي عن قضية الاتفاق المؤقت الذي يتمثل على تبادل البيانات خلال عملية الملئ الثاني التي ستبدأ خلال أيام وتنتهي في تموز المقبل، مصر والسودان تواصل حاليا للقبول بهذا الحل،ولن يكون له أي ضرر، ولكن من الممكن أن تسيطر إثيوبيا بتلابيب التحكم في مياه النيل مستقبلاً، بلا شريك أو رقيب وتتخذ من أديس أبابا مكاناً لها.

أضحت مصادر مصرية إن دولتي مصر، والسودان طلبتا من الوسطاء أن يكون الحل الأمثل على المدى البعيد وإقرار إثيوبيا سياسياً في إدارة عملية تغير قواعد السد سنوياً

وتعد الصياغة غير المحكمة لاتفاق المبادئ من الأسباب الرئيسية التي أوقعت مصر في هذا المأزق. فعلى الرغم من أحقيتها وفق قواعد القانون الدولي وسوابق المحاكم الدولية في الحصول على إخطار مسبق بأي تصرف على النيل سيؤثر على حصّتها من المياه، فإن تمسكها قبل أديس أبابا باتفاق المبادئ وحده لا يكفي لإنجاح المفاوضات، ولا يقنع المراقبين بمنطقية مطالباتها بالاتفاق على جميع النقاط المستقبلية العالقة قبل الملء الثاني.

قضية الملئ الثاني لسد النهصة

وأضافت المصادر أن الوسطاء يقترحون تقديم ضمانات عملية لمصر والسودان، لانخراط إثيوبيا في مفاوضات للتوصل إلى اتفاق نهائي ممتد المفعول خلال العام الحالي، ولكن من دون تأثير ذلك بالسلب أو الإبطاء على عملية الملء الثاني، مع تأكيد عدم إيقاع أي ضرر بدولتي المصب. وذكرت المصادر أن مصر، التي سبق أن أبلغت كلّاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي والإمارات وجميع الأطراف المعنية برفضها المطلق لأي اتفاق مؤقت، ربما لا تجد أمامها غير قبول الحلّ المؤقت إذا تمّت صياغته بصورة تضمن الدخول فوراً في مفاوضات قصيرة الأجل، وتحظى برعاية سياسية أكيدة من الولايات المتحدة، وصولاً إلى الاتفاق النهائي.

وبالنسبة لمفاوضات الاتفاق النهائي، تطلب مصر والسودان إنجازها قبل الملء الثالث للسد، مع ضرورة ضمان الولايات المتحدة وقوى دولية أخرى كالاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن، جدّية مشاركة إثيوبيا في أي مفاوضات لاحقة، سواء كانت برئاسة الاتحاد الأفريقي أو غيره. وكذلك ضرورة العودة إلى مسودة اتفاق واشنطن التي وقّعتها مصر منفردة بعد جولة التفاوض التي انتهت ربيع العام الماضي، للانطلاق منها كمرجعية فنية قانونية مقبولة يمكن إجراء تعديلات عليها في أضيق الحدود، مع قابليتها للتطبيق على الوضع الحالي، وتضمنها مزاوجة فنية سليمة بين الاعتبارات التقنية والقانونية.

تريد القاهرة والخرطوم تقرر بضرورة مشاركة إثيوبيا إدارة عمليات تغيير قواعد تشغيل السد السنوية لحل سد النهضة

 مقترح الاتفاق المؤقت للعروض الإثيوبية والمقترحات الإماراتية السابقة بتبادل المعلومات وإدارة فترة الملء بالشراكة بين الدول الثلاث، قد ركز عليها المبعوث الأميركي خلال زيارته إلى القاهرة، باعتبارها أمراً محورياً على طاولة التفاوض، وتجعل مساعيه في هذا التوقيت على قدر كبير من الحساسية والدقة.
وتستمر جولة فيلتمان بشأن سد النهضة والأوضاع الإثيوبية أربعة أيام أخرى، يزور خلالها أسمرة وأديس أبابا. وبحسب المصادر، فإنه من الوارد عودة فيلتمان إلى القاهرة في نهاية الجولة، إذا تطلب الأمر ذلك، لأنه أكد أن “القرار الأميركي في التحركات الحالية لن يتأخر كثيراً لارتباط القضية بمواعيد يمكن أن يترتب على فواتها سلبيات جسيمة”.

دول عربية تتدخل لحل قضية السد

وخلال مارس/ آذار الماضي، بذلت دول عربية جهوداً سرية لإقناع مصر والسودان بحلول فنية غير جذرية تمكّن إثيوبيا في كل الأحوال من الملء الثاني للسد، وتحقق حالة مؤقتة من عدم الإضرار بالسودان ومصر تنتهي بنهاية فترة الفيضان الحالية، مع عدم التوصل إلى اتفاق نهائي وملزم لجميع الأطراف يضع قيوداً على التصرفات الإثيوبية المستقبلية. لكن القاهرة استطاعت استمالة الخرطوم والإعلان عن رفض هذه الحلول، التي كان أبرزها الاكتفاء بتبادل المعلومات.

وحاولت دول عربية إقناع مصر والسودان بمنحها فرصة للعب دور الوسيط لحلحلة قضية سد النهضة الإثيوبي، بالتركيز على ملف الاستثمارات في المناطق المتنازع عليها بين السودان وإثيوبيا من ناحية، والمساعدة في إقامة مشاريع للتنمية المستدامة بين البلدان الثلاثة من ناحية أخرى، مرتبطة بتوليد الكهرباء من الطاقة المائية وطاقة الرياح في محيط سد النهضة (ولاية بني شنقول – قمز) وتخصيص أراضٍ في المنطقة للزراعات الاستراتيجية لتوريدها إلى الإمارات ومصر. وأضافت المصادر أن الإمارات التي ترغب في حماية استثماراتها التي تدفقت على إثيوبيا في السنوات الأخيرة، وستزيد بإنجاز مشروع سد النهضة، تحاول في الوقت نفسه ضمان استمرارية النظام المصري في فلكها وعدم ابتعاده عنها.