ما زالت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى فاروشا في قبرص التركية، تثير ردود فعل دولية، فقد أكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن المنظمة تابعت التطورات في فاروشا بقلق.
وقال لوكالة الأنباء القبرصية “موقف الأمم المتحدة بشأن فاروشا لم يتغير والأطراف مدعوة لتجنب الإجراءات أحادية الجانب”.
وزار أردوغان منطقة فاروشا في شمال الجزيرة، والتي كانت منتجعًا سياحيًا فخمًا وباتت “مدينة أشباح” ضمن المنطقة العازلة التي أقامتها الأمم المتحدة وقسّمت الجزيرة بعد الاجتياح التركي للشمال في 1974.
كما دعا الأحد، إلى إجراء محادثات حول الجزيرة وفق مبدأ “دولتين منفصلتين”.
وقال الرئيس التركي بعد وصوله إلى الشطر الشمالي في الذكرى الـ37 لإعلان “جمهوريّة شمال قبرص التركيّة” التي لا تعترف بها سوى أنقرة، إنّ “هناك شعبين ودولتين منفصلتين في قبرص”.
كما أضاف “يجب أن تجري محادثات من أجل التوصّل إلى حلّ على أساس دولتين منفصلتين”.
وتشكّل هذه التصريحات نكسة أخرى لجهود إعادة توحيد الجزيرة المتوسّطية المقسّمة بين جمهوريّة قبرص العضو في الاتّحاد الأوروبي، والشطر الشمالي الذي تحتلّه تركيا منذ غزو قبرص في 1974.
بالتزامن مع ذلك، تظاهر قبارصة يونانيّون في الشطر الجنوبيّ من الجزيرة، عند معبر على طول المنطقة العازلة، ضدّ زيارة الرئيس التركي.
وتأتي زيارة أردوغان إلى “جمهوريّة شمال قبرص التركيّة” غير المعترف بها دوليًّا، وسط أجواء توتّر شديد في الجزيرة، وقد ندّدت جمهوريّة قبرص بهذه الزيارة باعتبارها “استفزازًا غير مسبوق”.
كما تأتي بعد بضعة أسابيع على فوز حليف أنقرة رئيس شمال قبرص التركية إرسين تتار بالانتخابات “الرئاسية” في شمال قبرص.
وتتضاءل الآمال بإعادة توحيد الجزيرة مع وصول تتار المؤيد لحل “دولتين”، إلى السلطة خلافاً لسلفه مصطفى أكينجي الذي كان يدعو إلى إعادة توحيد الجزيرة على أساس حل فدرالي, وكانت آخر محادثات سلام برعاية الأمم المتحدة حول إعادة توحيد الجزيرة فشلت في عام 2017.
يُجري أردوغان هذه الزيارة في مناسبة الذكرى الـ37 لإعلان “جمهوريّة شمال قبرص التركيّة” أحاديًّا في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 1983. وتنشر تركيا حوالي 30 ألف عنصر في الشطر الشمالي من الجزيرة.
وجال إردوغان في منطقة فاروشا التي كانت توصف بـ”جوهرة المتوسّط” وباتت تُعرف بـ”مدينة الأشباح”، إذ أنّها مقفرة ومحاطة بأسلاك شائكة منذ الغزو التركي, وأعادت القوّات التركيّة فتح فاروشا جزئيًّا في 8 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي، ما أثار انتقادات دوليّة, ولم يتنازل القبارصة اليونانيّون قطّ عن مطلبهم بالسماح بعودة المُهجرين من المدينة إلى ديارهم.
وقال أردوغان، لحظة وصوله لمحطّات تلفزة إنّ فاروشا قد تخضع لإعادة تنمية. وأضاف “هذا المكان كان مغلقًا منذ سنوات، لكن آن الأوان لإطلاق مبادرات”، مشيرًا إلى أنّه “لم يتمّ منح القبارصة الأتراك أبدًا حصّة متساوية من موارد الجزيرة”, ووعد بتعويضات للقبارصة اليونانيّين الذين خسروا أرضهم ومنازلهم وأعمالهم في فاروشا.
وشدّد أردوغان الأحد أيضًا على أنّ “الضحايا الوحيدين للقضيّة القبرصيّة هم القبارصة الأتراك الذين يجري تجاهل حقوقهم ووجودهم منذ سنوات”.
وجاءت زيارة أردوغان وسط خلافات بين تركيا وكلّ من اليونان وقبرص حول مناطق بحريّة متنازع عليها ويُعتقد أنّها تحوي حقولاً كبرى من الغاز, وقال الرئيس التركي “سنواصل أبحاثنا وأنشطة التنقيب في شرق المتوسّط إلى حين الوصول إلى اتّفاق عادل”.
والسبت، ندّد الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس بزيارة أردوغان، معتبرًا أنّها “استفزاز غير مسبوق”, وقال إنّ الزيارة “تقوّض جهود الأمين العام للأمم المتحدة للدعوة إلى حوار خماسيّ غير رسمي” بين القبارصة اليونانيّين والأتراك وأثينا وأنقرة، ولندن.
كما تابع أناستاسيادس في بيانه أنّ تحرّكات كهذه “لا تساهم في تأمين مناخ ملائم وإيجابي لاستئناف محادثات الوصول إلى حلّ” للمسألة القبرصيّة.
بدورها، دانت وزارة الخارجيّة اليونانيّة “استفزاز” أردوغان. وقالت في بيان شديد اللهجة إنّ “زيارة الرئيس التركي إلى فاروشا المحتلة برفقة فريق حكومي … استفزاز غير مسبوق” ينتهك قرارات الأمم المتحدة.