أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رفضه القرار الذي أصدرته المحكمة الدستورية في جمهورية شمال قبرص التركية المنفصلة، بشأن تقييد مراكز تحفيظ القرآن الكريم بزعم أنها تعارض “علمانية الدولة”، مُحذّراً من أنه قد يتخذ خطوات غير محددة، في حال عدم إلغاء هذا القرار الذي أثار غضباً بالأوساط التركية.
وأوضح أردوغان، في تصريح صحفي، إنه “يجب على المحكمة الدستورية أن تتعلّم العلمانية أولاً. جمهورية شمال قبرص ليست فرنسا، ويجب عليهم تصحيح هذا الخطأ سريعاً، وإلّا فستكون خطواتنا التالية مختلفة”، منوهاً إلى أنه لا يمكنهم قبول الخطوات التي اتخذتها بعض النقابات هناك، لاسيما تلك المعادية للدين.
إضافة إلى أن المحكمة الدستورية في قبرص التركية كانت قد أصدرت قبل أيام قراراً، دخل حيز التنفيذ، نص على أن جميع الدورات، ومنها دورات تحفيظ القرآن، يجب تنظيمها وتقديمها من خلال وزارة التعليم في الجزيرة وليس اللجان الدينية.
تدريس القرآن ما يزال قائماً
القرار الذي أثار غضباً بالأوساط التركية، وأردوغان يحذر قبرص بسبب قرار تقييد مراكز تحفيظ القرآن الذي أصدرته المحكمة الدستورية شمال قبرص، فيما اعتقد كثيرون بطريق الخطأ، أن قبرص الشمالية قد حظرت بذلك دورات تحفيظ القرآن بالكامل. لكن مصادر بالمحكمة، تحدثت إلى وسائل الإعلام المحلية، نفت فكرة أن القرار يحظر دورات تحفيظ القرآن، طبقاً لما أورده موقع Middle East Eye البريطاني.
كما أشار رئيس وزراء شمال قبرص التركية، إرسان سانير، أيضاً، الجمعة 16 أبريل/نيسان الجاري، إلى أن تدريس القرآن ما يزال قائماً في البلاد، مضيفاً: “ستتواصل دورات تحفيظ القرآن بعد إتمام التعديلات القانونية اللازمة”.
لكن الرئيس أردوغان أصرّ على ضرورة إلغاء القرار، وأمر وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو، بنقل الرسالة إلى مسؤولي قبرص الشمالية في زيارةٍ يوم الجمعة، مشدّداً على أنهم لن يسمحوا باتخاذ خطوات من شأنها تعطيل تعليم القرآن للشباب.
انقلاب قضائي
كان رئيس الاتصالات في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، قد وصف القرار القبرصي بأنه “انقلاب قضائي” على حرية الدين والمعتقد، التي أقرتها الديمقراطية، منوهاً عبر “تويتر”، إلى أن هذا القرار نتاج ما وصفه بـ”العقلية الأيديولوجية والعقائدية”، ومؤكداً أن تفسير العلمانية بهذه الطريقة الضحلة والخاطئة يعد خطوة نحو إلغاء الحقوق والحريات الأساسية.
كما رأى المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عمر أتشليك، أنه ليس من الصواب تفسير العلمانية بطريقة تقف عائقاً أمام حرية الدين والضمير، منوهاً إلى أن “العلمانية مبدأ ديمقراطي، ولا يمكن استخدامها بانتهاك الحقوق الديمقراطية”.
والمحكمة الدستورية في جمهورية شمال قبرص هي أعلى هيئة قانونية لمراجعة الدستور، وتفحص مدى دستورية القوانين والمراسيم التي لها قوة القانون، والنظام الداخلي للبرلمان من حيث الشكل والمضمون، وذلك وفقاً للمادة 148 من الدستور التركي.
“محادثات جنيف” المرتقبة
في سياق آخر، قال رئيس شمال قبرص التركية، آرسين تتار، إن سيادة بلاده واستقلالها وضمانة أنقرة، “عناصر لا غنى عنها” في “محادثات جنيف” المرتقبة.
جاء ذلك في كلمة له، الجمعة، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، في العاصمة ليفكوشا.
تتار لفت إلى الأهمية الكبيرة التي يوليها القبارصة الأتراك لتركيا، مؤكداً أهمية ضمانتها من أجل عيشهم على أراضي البلاد باستقلالية وحرية وأمن، مشدّداً على أهمية التوصل إلى اتفاق قائم على أساس حل الدولتين في الجزيرة.
تجدر الإشارة إلى أن جنيف تستضيف بين 27 و29 أبريل/نيسان الجاري، اجتماعاً غير رسمي لمجموعة “5+1” المؤلفة من الدول الضامنة (اليونان وتركيا وبريطانيا) وشطري قبرص (التركية والرومية)، إضافة إلى الأمم المتحدة.
جدير بالذكر أنه منذ انهيار محادثات إعادة توحيد الجزيرة، التي جرت برعاية الأمم المتحدة في سويسرا في يوليو/تموز 2017، لم تجرَ أي مفاوضات رسمية بوساطة أممية لتسوية النزاع في قبرص.
إذ تعاني جزيرة قبرص منذ عام 1974، انقساماً بين شطرين؛ تركي في الشمال ورومي بالجنوب، وفي 2004 رفض القبارصة الروم خطة قدَّمتها الأمم المتحدة لتوحيد الشطرين.