أوردت صحيفة “الإندبندنت” مقال رأي لمراسلتها لشؤون الشرق الأوسط بيل ترو، أقامت فيها مقارنة بين شخصيتين سياسيتين روسية وليبية، وهما الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وقراءة تحليلية لوجهات نظر مشتركة بين الشخصيتين في الواقع والخيال وانعكاسها على واقع الحرب الروسية الأوكرانية.
وأوضحت كاتبة المقال في ضوء مقارنة الأفكار والعقل في التدبير والتخطيط، أن مثال بوتين والقذافي يترجم “إحاطة المستبدين الأقوياء برجال يقولون نعم والسلطويين هو مزيج قاتل”.
وجه الشبه بين بوتين والقذافي
وأشارت ترو في كتابتها إلى إعلان القذافي بعد أسبوعين من ثورة فبراير 2011، الذي كان ترجماناً واضحاً لاستبداد سلطوي معتبراً نفسه “ليس رئيسا كي يستقيل، ولا يوجد برلمان كي يحله”، بما يؤكد التمسك بالحكم المنفرد ورفض تسليم السلطة.
وذكرت بيل ترو أن القذافي “كان يؤمن بهذا حقا، وإنه على الأرجح كان واهما”، لأنه حسب رأيها يظل لعقود “محاطا بالرجال الذين يقولون نعم، المذعورين والمتملقين”، حتى ظهر أنه في النهاية “كان يؤمن حقا بالهراء الذي يقول”.
وقالت في هذا السياق: “لقد كان منفصلا جدا عن الواقع، لدرجة أنه اتخذ قرارات متهورة ومعتوهة، وفي اللحظات الأخيرة لم يستطع فهم ما كان يدور حوله”.
وتسرد ترو حيثيات عن كواليس دائرة القذافي قائلةً: “في عام 2014، أخبرني صديق وزميل صحفي ليبي عن لقاء أجراه مع أحد مساعدي القذافي المقربين بعدما اعتقله المتمردون”.
وأضافت: “قال المساعد إنه في الوقت الذي كانت فيه منطقة حظر الطيران التابعة لحلف الناتو تحكم قبضتها حقا، كان عدد القتلى في ارتفاع، وكان من الواضح أن وقت القذافي قد انتهى، وقد توسل شخصيا إلى القائد للتخلي عن منصبه والتفاوض بشأن نوع من اتفاق الخروج الآمن لهم جميعا”
ونقلاً عن الصحيفة، لفت كاتبة المقال إلى أن “ردا على ذلك، أصر القذافي مرة أخرى على أنه لا يستطيع التنحي؛ لأنه ليس لديه ما يتنحى عنه. قال إنه استقال عام 1979، ومنذ ذلك الحين كان الأخ قائد للثورة. قال المساعد لصديقي إن الرجل كان واهما”.
بوتين: غرور وتهور تأكيد للعزلة والانفراد
ووقوفاً عند صفات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أنشأت الكاتبة صورة تعكس دلالات شخصية أضحت بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، التباس العالم وغموضاً يكتنف معالمها وخصوصياتها.
وقالت الكاتبة: “لا يعني ذلك أن الرئيس بوتين مريض عقليا. ولكن بعد عقود من خوف الناس من الوقوف في وجهه أو كونهم متنازلين أو متورطين كثيرا، لدرجة أنهم لا يقدرون على انتقاد تحركاته، وبعد وقت طويل من وجود الرجال الذين يقولون نعم حوله، يبدو من نواحٍ عديدة منفصلا عن الواقع. وقد جعله ذلك يشعر بالثقة الزائدة والتهور والغضب”.
وتابعت: “إنه منعزل تماما.. في هذه الأيام يبدو أنه يصدر جميع أوامره عن طرف الطاولات كبيرة الحجم. لقد رأينا ومضات من ذلك في الملابس السخيفة إلى حد ما، التي قدمها لرئيس المخابرات قبل وقت قصير من شن أكبر غزو بري في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية”.
كما نقلت بيل ترو أيضا استجواب بوتين مع مجلس الأمن، قبل أن يذهب إلى سيرغي ناريشكين المتشدد، طالباً منه مرارا أن يفصح ما كان يقوله، حتى “يتكلم بصراحة”.
وواصلت كاتبة المقال في سرد الوقائع: “القلق المروع في الغرفة كان حقيقيا، وذكّرني بمخاطر الحكام المستبدين المعزولين الذين تم إخبارهم فقط بما يريدون سماعه، لكنهم ما زالوا يحتفظون بالسلطة الكاملة للتصرف بناء على ذلك. وإطلاق النار على المدنيين”.
وختمت القول: “أوكرانيا تتحمل العبء الأكبر من أوهام بوتين”.