أوجه الحقيقة – واشنطن –
سلطت صحيفة “وول ستريت جورنال” الضوء على أبرز عمليات الخطف والاغتيال التي ارتكبها النظام الإيراني تاريخيا ضد معارضين في خارج البلاد.
وطالبت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها، الدول الغربية بضرورة شن حملة بهدف التعامل بجدية مع استهداف نشطاء المعارضة المناهضة للنظام الحاكم في طهران وكذلك محاسبة المسؤولين الإيرانيين.
وأشار التقرير إلى اختفاء جمشيد شارمهد، وهو ناشط سياسي معارض لإيران ومقيم في كاليفورنيا، أواخر يوليو/ تموز الماضي عندما كان يخطط للسفر إلى الهند لحضور مؤتمر تكنولوجي.
بعد بضعة أيام، أعلنت السلطات الإيرانية في بيان أنه تم اعتقاله (شارمهد) في عملية وصفتها بـ”المعقدة” من قبل جنود ما يسمى بـ”إمام الزمان” المجهولين (في إشارة إلى استخبارات الحرس الثوري)، وظهر شارمهد معصوب العينين في التلفزيون الحكومي.
وكان معارض آخر لطهران يدعى روح الله زم، وهو لاجئ سياسي في فرنسا، قد اختُطف بعد تضليله صيف العام الماضي وحُكم عليه بالإعدام في إيران مؤخرا.
كما كشفت مسيح علي نجاد، ناشطة إيرانية معروفة في مجال حقوق المرأة تعيش في الولايات المتحدة، عن تعرض عائلتها لضغوط بغرض دعوتها إلى تركيا للاختطاف من جانب طهران خلال الأسابيع الأخيرة.
وقال التقرير إن النشطاء الإيرانيون المطالبون بالحريات والذين يعيشون داخل الدول الغربية يشعرون بالقلق من عمليات الاختطاف التي يقوم بها نظام طهران ويأملون في الحماية من جانب البلدان التي يقيمون فيها بوصفها أنظمة ديموقراطية، وفق التقرير.
لكن حماية هؤلاء المعارضين الإيرانيين تتطلب أن يتخذ قادة العالم إجراءات محددة لوقف مثل هذه الجرائم وأن تتعامل معها الحكومات على أنها تهديد.
وأكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن قادة إيران كانوا يطاردون ويقتلون معارضيهم منذ إنشاء النظام الحالي في عام 1979 بزعامة المرشد الراحل الخميني.
الخارجية الأمريكية ترد إسائة مرشد إيران وتصفه بالقاتل والبلطجي
وخلال ما عرفت بفترة “هيمنة الخوف” بأوائل الثمانينيات من القرن الماضي، أعدمت الحكومة الإيرانية آلاف الأشخاص بينهم نواب البرلمان السابقين وقادة الطائفة اليهودية، واغتالت عشرات المعارضين الذين فروا من إيران.
وبأمر مباشر من النظام الإيراني، تم اغتيال شهريار شفيق، وهو ضابط بارز بسلاح البحرية في الجيش الملكي، والجنرال غلام علي أويسي الذي قاد مجموعات معارضة ضد الخميني، في العاصمة الفرنسية باريس خلال عامي 1979، و 1984على الترتيب.
كما اغتالت طهران علي أكبر طبطبائي، الملحق الثقافي بالسفارة الإيرانية لدى الولايات المتحدة خلال عهد الشاه محمد رضا بهلوي، في ولاية ميريلاند عام 1980.
وعندما أصبح علي خامنئي مرشدا للنظام الإيراني في عام 1989، بدأت منظمة تحت قيادته المباشرة تعرف باسم “لجنة الشؤون الخاصة” أنشطتها للاغتيالات الفردية خارج حدود البلاد.
وكان من بين أبرز ضحايا تلك المنظمة شابور بختيار، آخر رئيس وزراء في حكومة محمد رضا بهلوي، والذي قُتل طعنا بباريس في أغسطس/ آب عام 1991.
ولفت التقرير إلى أن هذه الحملة الواسعة والمنسقة مستمرة حتى اليوم، حيث اغتيل سعيد كريميان، رئيس قناة تلفزيونية شهيرة باسم “جم تي في” كانت تبث برامج محظورة لإيران، في أحد شوارع إسطنبول عام 2017.
وفي عام 2018، أحبطت الشرطة الفرنسية محاولة تفخيخ تجمع كبير لمنظمة مجاهدي خلق التي تمثل المعارضة الإيرانية قرب باريس.
وأواخر العام الماضي، قُتل مسعود مولوي، خبير الأمن السيبراني السابق في وزارة الدفاع الإيرانية، بالرصاص بعد أن فر إلى إسطنبول.
ويتعرض الصحفيين الإيرانيين العاملين في وسائل الإعلام الأجنبية وعائلاتهم داخل إيران باستمرار للتهديد، حسب الصحيفة الأمريكية.
وتقول الصحيفة الأمريكية إن الناشطون والمعارضون وقادة المعارضة الإيرانية في المنفى يشكلون تهديدا متزايدا للنظام الإيراني الذي يواجه ضغوطًا مالية واضطرابات سياسية في الداخل.
واستجابة لهذا الوضع لجأت طهران مجددا إلى استراتيجية الخطف والاغتيال للمعارضين خارج حدود البلاد، وفق التقرير.
وأكد أن ” التجارب تُظهر تاريخيا أن شرور نظام طهران في أنحاء متفرقة من العالم تتضاءل فقط عندما تفوق تكلفة أفعاله فوائدها”.
واستطرد التقرير أن النظام الإيراني توقف لفترة طويلة عن تنفيذ اغتيالات لمعارضين بعد واقعة “مطعم ميكونوس” في برلين عام 1997.
وبعد ثبوت تورط وزارة الاستخبارات الإيرانية حينها، استدعت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي سفرائها في إيران وقطعت العلاقات الدبلوماسية معها لعدة أشهر.
وشدد التقرير على أن الحكومات الغربية لن تكون قادرة على حماية نشطاء المعارضة إلا إذا أرغمت قادة النظام الإيراني على دفع ثمن جرائمهم.
واختتمت الصحيفة الأمريكية تقريرها بقول :” ما دام يمكن للمسؤولين الإيرانيين التجول بحرية في العواصم الأوروبية، فإنهم يعلمون أنه لا يتم دفع أي تكلفة لقتل معارضي نظامهم، بينما إيرانيو المهجر يعيشون في خوف من القتل بالرصاص والوقوع في فخ الخاطفين”.