أوجه الحقيقة – تركيا
عادت قضية بنك خلق التركي إلى الواجهة من جديد، بعد الصخب الكبير الذي أثارته، بعد اتهام البنك بلعب دور الباب الخلفي لإيران في التحايل على العقوبات الأمريكية.
ذكرت صحيفة دير شبيغل الألمانية قبل أيام أن محكمة في مانهاتن، نيويورك، ستبدأ قريبا في الحكم على البنك بتهمة مساعدة إيران على التحايل على العقوبات، ومعرفة مدى علم الرئيس التركي بذلك.
فتحت هذه القضية ملفات الفساد في حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي حاول بكل الوسائل الدبلوماسية والقانونية الممكنة الضغط على الحكومات الأمريكية منذ عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لعدم إدانة البنك، لكي لا يتم استغلال هذه المسألة في الانتخابات المقبلة من قبل المعارضة التركية.
عواقب وخيمة
استعرض دير شبيغل السيناريوهات التي تنتظر الرئيس التركي إذا ثبتت التهم الموجهة إلى البنك.
قد يواجه “بنك خلق” إذا أدين بغرامة تصل إلى 20 مليار دولار أو استبعاد من النظام المصرفي الدولي سويفت.
وهذا يعني أن أحد أكبر البنوك التركية لن يتمكن بعد الآن من المشاركة في المعاملات المالية الدولية، والتي ربما تكون نهايتها. وبما أن الاقتصاد التركي يمر بالفعل بأزمة كبيرة، فمن المرجح أن يكون إفلاس بنك “خلق” ضربة قاضية؛ حيث سيخسر مئات الآلاف من المستثمرين في تركيا مدخراتهم وسيهبط الليرة أكثر من ذلك.
بالإضافة إلى ذلك، حذر الاقتصاديون من أن الصناعة المالية التركية بأكملها يمكن أن تنهار، كما حدث في عام 2001، عندما غرق مئات الآلاف من الناس في الفقر بين عشية وضحاها.
الحكم له أيضا بعد جيوسياسي. وستبحث المحكمة الاتحادية في مانهاتن ما إذا كان السياسيون الأتراك، حتى أردوغان نفسه، متورطون في انتهاكات العقوبات، كما زعم شاهد في محاكمة نائب المدير التنفيذي السابق للبنك محمد هاكان أتيلا.
ولهذه القصة، فحص دير شبيغل مئات الصفحات من وثائق المحكمة، كما تحدث مع العديد من المسؤولين في تركيا والولايات المتحدة، أكّد معظمهم أن القضية الأمريكية ضد أحد البنوك لديها القدرة على تدمير الوظائف السياسية وزيادة الضغط على الحكومة.
فساد حكومة أردوغان
ويبدو أن هذه القضية تؤكد بعض اتهامات المعارضة التي وجهتها لأردوغان منذ سنوات بأنه يتحايل على القانون، ويسيئ استغلال منصبه لإثراء نفسه وعائلته.
وقال وزير الخارجية الأميركي السابق ريكس-تيلرسون في وقت سابق للسياسة الخارجية: «استنتجت أن السبب الذي يجعل أردوغان لا يزال مهتمًا بهذا الملف هو قلقه بشأن ما سيظهر أو سيكشف عن مشاركته».
وتجدر الإشارة إلى أن القضية قد هزت أيضا ثقة المستثمرين في الصناعة المالية التركية، في وقت تعتمد فيه تركيا أكثر من أي وقت مضى على رأس المال الأجنبي بسبب جائحة فيروس كورونا وضعف عملة البلاد.
وقد تكون المحاكمة في نيويورك مجرد بداية لسلسلة طويلة من الإجراءات القضائية ضد خلق بنك.
قضية “بنك خلق” يعود تاريخها إلى عام 2017، عندما ألقت السلطات الأمريكية نائب المدير التنفيذي السابق للبنك، في نيويورك، واتهمت المدعين العامين الأمريكيين، في ذلك الوقت، البنك بالتحايل على العقوبات الأمريكية لصالح إيران، وأصدرت السلطة القضائية الأمريكية حكما بالسجن لمدة 32 شهرا في أتيلا، ولكن الادعاء اعتبر العقوبة لا رادعة، وأعطت المحكمة لائحة الاتهام حتى 6 ديسمبر 2019، لتقديم الأسس الموضوعية للاستئناف الذي يتضمن مطالبة بزيادة العقوبة، لكن الادعاء لم يقدم الأسباب، وتراجع الاستئناف، ليتم الإفراج عنه و عاد إلى تركيا, حيث تم استقباله في المطار و زير المالية و المالية السابق, صهر أردوغان برات البيراك, رئيسا لبورصة اسطنبول.