أوجه الحقيقة – العراق –
على الرغم من نفي إيران المتواصل تورطها في الهجوم الذي استهدف قبل أيام مطار أربيل والقاعدة الجوية الأميركية فيه، أفادت مصادر موثوقة في العاصمة الأميركية، أن التحقيق في الهجوم بدأ يكشف معلومات حول الأطراف المشاركة به، كاشفاً أن من أهم العناصر الجديدة التي طرأت على التحقيق هو انخراط مجموعة تابعة لفصيل من حزب العمال الكردستاني في قصف المطار ومحيطه إلى جانب مجموعة من الحشد الشعبي الموالي مباشرة لإيران.
وأفادت المعلومات بأن أميركيين يشاركون مع الحكومة العراقية وحكومة كردستان العراق في التحقيقات، حيث تتركز عمليات البحث على أن منصات الصواريخ كانت في نقطتي انطلاق، الأولى بعيدة عن المطار وهي داخل سيطرة الحكومة المركزية العراقية، وينتشر فيها عناصر من الحشد الشعبي الموالي لإيران، حيث أطلقوا مجموعة من الصواريخ، فيما أطلقت مجموعة ثانية من منطقة أقرب إلى المطار، وتقع داخل سيطرة حكومة إقليم كردستان العراق، وعليه يرى المحققون أن المجموعة التي قامت بهذا الجزء من الهجوم هي مجموعة من فصيل بحزب العمال الكردستاني.
ويعود توجّه التحقيق بهذا الاتجاه إلى أن إيران عملت عن طريق فيلق القدس منذ سنوات على بناء علاقات مع فصائل من حزب العمال الكردستاني من أجل تعميق الخرق الإيراني في منطقة كردستان العراق، وزيادة الضغوط على الزعيم الكردي مسعود بارزاني المعروف بعلاقاته الطيبة مع تركيا، وقد سعى منذ سنوات لإبعاد حزب العمال الكردستاني عن الإقليم، ووقف ضدهم في كل مرة اعترضت فيها تركيا وجودهم ونشاطاتهم.
وتطرح إمكانية انخراط حزب العمال الكردستاني الكثير من الأسئلة حول ما حدث من قصف على مطار أربيل، من ناحية التوقيت، والمسؤول، فمن المؤكد أن الصواريخ المستعملة في الهجوم وقواعدها قد منحتها إيران للمنفذين، واحدة من الحشد الشعبي، والأخرى من حزب العمال الكردستاني، أما طريقة التوصيل فهي واضحة نظراً لفلتان السيطرة على الحدود في المعابر التابعة للحكومة العراقية من جهة، أو في الحدود بين كردستان العراق وإيران ومناطق سيطرة البيشمركة وحكومة إقليم كردستان العراق.
أما إمكانية تنسيق الهجوم بين المجموعتين فهي مسألة سيعمل عليها المحققون لإثبات الاتصال بين المجموعتين وتحركهما باتجاه مناطق الإطلاق، ثم التوقيت.
نظريات كثيرة حول الهجوم وماهيته، تبدأ من إصرار الإيرانيين على تحدّي الوجود العسكري الأميركي في العراق، وصولاً إلى تحدّي حكومة كردستان العراق التي يقودها بارزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني القريب من تركيا والمعارض لنشاطات حزب العمال الكردستاني في العراق وسوريا.
أما أميركا فقد أعطت الهجوم أهمية كبيرة من خلال الاتصالات المباشرة بين وزيري الخارجية والدفاع الأميركيين بالمسؤولين العراقيين والأكراد، ومن خلال البيان المشترك الذي أصدروه مع الأوروبيين.
ومن الملاحظ أن الأميركيين أصرّوا على اتباع قاعدة جديدة في التعامل مع هجوم يطال مصالحهم وجنودهم والعاملين معهم، وأصرّوا في بياناتهم أولاً على تقديم الدعم للتحقيق، ثانياً إعطاء السلطات العراقية الأولوية في التوصل إلى نتائج، وثالثاً القول إن المسؤولين على الهجوم “سيحاسبون” لكنهم رفضوا بشكل قاطع التحدّث عن أي رد مباشر.
وهذا ما أكده أيضاً جون كيربي في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء، أن الإدارة السابقة أقامت معادلة من يستهدف الأميركيين سنردّ عليهم، ولم يتحدّث عن “الرد بالمثل”، لكنه شدّد على عدم استباق التحقيقات.
وكان مسؤول في البنتاغون قد تحدث لـ “العربية/الحدث”، مؤكداً أن الأميركيين حريصون على حماية جنودهم ومواطنيهم الموجودين في العراق، مؤكداً أن وزارة الدفاع الأميركية ستعطي المسؤولين والرئيس بايدن سلسلة من الخيارات المتنوعة للرد.
ويأتي التأني الأميركي بحسب المسؤول في البنتاغون، من أنهم يأخذون بعين الاعتبار أن الشخص الذي قُتل في الهجوم ليس أميركيا، وأن المعادلة السابقة التي تقوم على أن مقتل أميركي يستدعي الرد المباشر ليست بالوضوح الذي عهدناه من قبل.
وقد امتنع مسؤولون أميركيون عن التعليق على المعلومات الواردة حول التحقيق في انخراط عناصر من حزب العمال الكردستاني في الهجوم على مطار في أربيل.