أوجه الحقيقة - شؤون دولية
استنكر الاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين الزيارة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس لمنتجع فاروشا في شمال قبرص ولتصريحات حول إقامة دولتين مستقلتين على الجزيرة المنقسمة.
وأعرب الاتحاد الأوروبي عن استنكاره “للأفعال والتصريحات التي تشكك في مقررات الشرعية الدولية ذات الصلة بالنزاع في قبرص والجهود التي تبذلها الأمم المتحدة من أجل إيجاد حل تفاوضي لأزمة انقسام الجزيرة”.
وفي رد مباشر على تصريحات أدلى بها أردوغان خلال زيارته إلى مدينة فاروشا المغلقة منذ انقسام الجزيرة في 1974، ذكر الاتحاد الأوروبي، في بيان أصدره الممثل الأعلى للسياسة الخارجية جوزيب بوريل، أن التطورات الأخيرة في فاروشا تأتي في وقت تُبذل فيه محاولات تهدف إلى خلق مساحة لحوار يقود إلى استئناف المفاوضات تحت إشراف الأمم المتحدة.
وجدد الاتحاد الأوروبي التزامه بالحل الشامل للنزاع القبرصي. وطالب تركيا بالتصرف بمسؤولية و”بالمساهمة بشكل ملموس في خلق الظروف المناسبة لاستئناف المفاوضات”.
واستنكر الاتحاد إعادة فتح منطقة فاروشا والبيانات التي صدرت عن الجانب التركي بهذا السياق، والتي “تشكك في مبادئ الأمم المتحدة ذات الصلة بالنزاع في قبرص”، بحسب الاتحاد الأوروبي.
وكان أردوغان قد دعا الأحد خلال زيارة مثيرة للجدل إلى الشطر الشمالي من قبرص الذي تحتلّه أنقرة، إلى إجراء محادثات حول الجزيرة وفق مبدأ “دولتين منفصلتين”.
وزار أردوغان منطقة فاروشا في شمال الجزيرة، والتي كانت منتجعاً سياحياً فخماً وباتت “مدينة أشباح” ضمن المنطقة العازلة التي أقامتها الأمم المتحدة وقسّمت الجزيرة بعد الاجتياح التركي للشمال في 1974.
وقال أردوغان بعد وصوله إلى الشطر الشمالي في الذكرى الـ37 لإعلان “جمهورية شمال قبرص التركية” التي لا تعترف بها سوى أنقرة، إن “هناك شعبين ودولتين منفصلتين في قبرص”. وأضاف: “يجب أن تجري محادثات من أجل التوصل إلى حل على أساس دولتين منفصلتين”.
وتشكّل هذه التصريحات نكسة أخرى لجهود إعادة توحيد الجزيرة المتوسطية المقسمة بين جمهوريّة قبرص العضو في الاتّحاد الأوروبي، والشطر الشمالي الذي تحتله تركيا منذ غزو قبرص في 1974.
تزامناً مع ذلك، تظاهر قبارصة يونانيون في الشطر الجنوبي من الجزيرة، عند معبر على طول المنطقة العازلة، ضد زيارة الرئيس التركي.
وتأتي زيارة إردوغان إلى “جمهورية شمال قبرص التركيّة” غير المعترف بها دولياً، وسط أجواء توتّر شديد في الجزيرة، وقد نددت جمهورية قبرص بهذه الزيارة باعتبارها “استفزازاً غير مسبوق”.
كما تأتي بعد بضعة أسابيع على فوز حليف أنقرة القومي إرسين تتار بالانتخابات “الرئاسية” في شمال قبرص.
وتتضاءل الآمال بإعادة توحيد الجزيرة مع وصول تتار المؤيد لحل “دولتين”، إلى السلطة خلافاً لسلفه مصطفى أكينجي الذي كان يدعو إلى إعادة توحيد الجزيرة على أساس حل فدرالي.
وكانت آخر محادثات سلام برعاية الأمم المتحدة حول إعادة توحيد الجزيرة فشلت في عام 2017.
وأجرى أردوغان هذه الزيارة في مناسبة الذكرى الـ37 لإعلان “جمهورية شمال قبرص التركية” أحادياً في 15 نوفمبر 1983. وتنشر تركيا حوالي 30 ألف عنصر في الشطر الشمالي من الجزيرة.
وجال أردوغان في منطقة فاروشا التي كانت توصف بـ”جوهرة المتوسّط” وباتت تُعرف بـ”مدينة الأشباح”، إذ إنها مقفرة ومحاطة بأسلاك شائكة منذ الغزو التركي.
وأعادت القوات التركية فتح فاروشا جزئياً في 8 أكتوبر الماضي، ما أثار انتقادات دولية. ولم يتنازل القبارصة اليونانيون قطّ عن مطلبهم بالسماح بعودة المُهجرين من المدينة إلى ديارهم.
ووصل إردوغان إلى فاروشا بعيد حلول الظلام وفيما كان مطر غزير يتساقط على المنطقة.
وقال لمحطات تلفزة إلى جانب تتار إن فاروشا قد تخضع لإعادة تنمية. وأضاف “هذا المكان كان مغلقاً منذ سنوات، لكن آن الأوان لإطلاق مبادرات”، مشيراً إلى أنه “لم يتمّ منح القبارصة الأتراك أبداً حصّة متساوية من موارد الجزيرة”.
وجائت زيارة أردوغان وسط خلافات بين تركيا وكل من اليونان وقبرص حول مناطق بحرية متنازع عليها ويُعتقد أنّها تحوي حقولاً كبرى من الغاز.
وقال الرئيس التركي “سنواصل أبحاثنا وأنشطة التنقيب في شرق المتوسّط إلى حين الوصول إلى اتفاق عادل”.