أوجه الحقيقة – تركيا –
منذ أكثر من أسبوع، يتعرض وزير الخزانة والمالية التركي، بيرات البيرق، لموجة انتقادات ساخرة وحادّة من قبل الخبراء الاقتصاديين وأحزاب المعارضة على حد سواء، وذلك بعد إعلانه عن خطة جديدة يحاول من خلالها التغلب على الأزمة المالية الراهنة التي تعيشها تركيا، والتي تتزامن مع تراجعٍ كبير في قيمة الليرة التركية أمام العملات الأجنبية.
ويسعى صهر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى الوصول لمؤشراتٍ اقتصادية حققتها تركيا عامي 2005 و2007 وبحلول عام 2023، وهو أمر سخر منه كلّ من قادة حزب المعارضة الرئيسي (الشعب الجمهوري) والشعوب الديمقراطي (المؤيد للأكراد) وحزب الخير (القومي)، بالإضافة لرئيس وزراء تركيا الأسبق أحمد داود أوغلو ونائبه علي باباجان.
وقال بروفيسور تركي متخصص بالعلوم الاقتصادية: “حين ننظر إلى الأرقام التي تمثل تقديرات البرنامج الاقتصادي الجديد (NEP) الذي وضعه صهر الرئيس، نجد أنه من المتوقع أن يكون الاقتصاد التركي في العام 2023 في نفس المستويات التي كان عليها في العام 2007”.
وأضاف يالتشن قره تبه، البروفيسور المحاضر لمادة “المالية” في كلية العلوم السياسية بجامعة أنقرة في صتريحات صحفية: أن “التوقعات بحسب هذا البرنامج تفيد بوصول نصيب الفرد من الناتج المحلّي الإجمالي في عام 2023 إلى 10,000 دولارٍ أميركي سنوياً، وللمفارقة كان نصيب الفرد من الناتج المحلّي أكثر بقليل من 11,000 دولار سنوياً عام 2008. وبالتالي سنكون أشد فقراً في عام 2023 وفق الخطة الحالية، خاصة أننا نهبط للمستويات التي كنا عليها قبل عقود بدلاً من أن نصعد لمستويات جديدة”.
وتابع أن “التدابير التي لجأ إليها حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعّمه أردوغان، كفرض سيطرته على القضاء وغياب سيادة القانون والعودة للنظام الرئاسي الذي يمنح صلاحياتٍ مطلقة للرجل الواحد، أدت إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية بشكلٍ متسارع، بعد أن فقدت مؤسسات الدولة كل قدراتها لا سيما أن أردوغان يتحكم بها جميعاً دون استثناء”.
وأشار إلى أنه “في الوقت الحالي يستحيل على الحزب الحاكم أن يتمكن من حلّ الأزمة الاقتصادية العالقة مهما وضع خططاً مالية”، مضيفاً أن “حلّ هذه المشكلة يتطلب أولاً نظاما برلمانيا فعّالا، وبعد ذلك يمكن وضع حلولٍ جديدة، فمؤشرات الماكرو الاقتصادية تفيد بأننا نعود إلى الوراء سنواتٍ طويلة وعلى سبيل المثال لا يزال معدّل التضخم في خانة العشرات، ويقاس بحوالي 12% ولكنه في الواقع أعلى بكثير من 20%”.
ولفت إلى أن “معدل البطالة أيضاً في ارتفاع، وهو رسمياً يقدر بـ13.7% ولكنه في الواقع يكاد يقترب من 30%، ناهيك عن العجز المالي في الحساب الجاري لدى البنك المركزي، فاحتياجاته غير كافية، لذلك تتراجع قيمة الليرة التركية كلّ يوم أمام العملات الأجنبية”.
وتعيش تركيا أزمة اقتصادية خانقة، تعود أبرز أسبابها لسياسات أنقرة الخارجية وتوتراتٍ أخرى سياسية تعيشها في الداخل منذ محاولة الانقلاب على حكم أردوغان منتصف العام 2016. وتفاقمت هذه الأزمة مع الظروف التي رافقت انتشار فيروس كورونا في البلاد قبل أشهر.
وربط محللون سياسيون زيارة الرئيس التركي الحالية، إلى قطر بالأزمة الاقتصادية الراهنة، ورجّحوا إمكانية طلب أردوغان المساعدة المالية من الدوحة.
وسبق لمسؤولين أتراك أن فاتحوا نظراءهم في قطر والصين بشأن زيادة حجم خطوط مبادلة قائمة، وتحدثوا أيضاً مع بريطانيا واليابان بخصوص إمكانية إنشاء تسهيلات مماثلة.