أوجه الحقيقة – لبنان –
في تطوّر قضائي لافت في لبنان، مرتبط بملف تحويل مسؤولين لبنانيين أموالاً إلى الخارج بمليارات الدولارات، استمع النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وذلك بعد يومين على تبلّغ لبنان رسمياً طلب تعاون من السلطات في سويسرا يتعلّق بتقديم مساعدة قضائيّة حول تحويلات مالية تخصّ حاكم مصرف لبنان المركزي.
وأعلن حاكم “المركزي” في بيان اليوم الخميس”أنه التقى المدعي العام التمييزي، وقدّم له كل الأجوبة عن الأسئلة التي حملها بالأصالة كما بالنيابة عن المدعي العام السويسري”.
كما جزم سلامة بأن أي تحويلات لم تحصل من حسابات لمصرف لبنان أو من موازناته.
وأضاف “أكدت أنني جاهز دائماً للإجابة عن أي أسئلة، كما احتفظت لنفسي بحق الملاحقة القانونية بوجه جميع الذين يصرّون على نشر الإشاعات المغرضة والإساءات التي تطالني شخصياً كما تسيء لسمعة لبنان المالية”.
وأفادت “رويترز”: “أن حاكم مصرف لبنان سلامة قرر أن يتم الاستماع إليه في سويسرا”.
وكان النائب العام التمييزي تسلّم الطلب السويسري من أجل الحصول على تفاصيل ومعلومات حول حوالات مصرفية تخص الحاكم وشقيقه رجا سلامة ومساعدته ماريان حويك، يصل مجموعها إلى نحو 400 مليون دولار.
أما النيابة العامة المالية فلم تتسلّم حتى الآن الطلب السويسري كما أعلن النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، مؤكداً “أنهم مستعدّون للتحقيق في ملف التحويلات المالية التي تخص الحاكم المركزي فور تسلّمه”.
وبحسب معلومات، فإن السلطات السويسرية تملك ملفاً كاملاً عن أموال المسؤولين اللبنانيين الموجودة في مصارفها، والخطوة الأولى التي اتّخذتها في اتّجاه حاكم مصرف لبنان لن تكون الأخيرة، وستُستكمل في اتّجاه مسؤولين آخرين”.
إلى ذلك، أفادت المعلومات أيضاً أن التحرّك السويسري لن يكون وحيداً، بل سيُستتبع بتحرّك آخر من جانب وزارة الخزانة الأميركية التي كانت المبادرة أوّلاً للتواصل مع السلطات السويسرية طالبةً منها التحرّك على خط تحويلات أموال لمسؤولين لبنانيين، فأبلغتها أنها تعمل على ذلك، وأن ما هو مُنجز حتى الآن مرتبط بحاكم مصرف لبنان وشقيقه ومساعدته”.
كما أن الاتحاد الأوروبي لن يكون بعيداً بدوره من الإجراء السويسري.
فوفق المعلومات، يعمل الاتحاد على ملف خاص تحت عنوان “تجميد حسابات بتهمة تبييض أموال” لسياسيين ومسؤولين لبنانيين وعائلاتهم في الشأن العام، سواء أكانوا رؤساء، وزراء، نواب حاليين وسابقين وحتى ضباط في الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الأخرى ممن تفوق حساباتهم المليون دولار.
ويأتي الطلب السويسري من ضمن مسعى أوروبي بدفع من أعضاء في مجلس الشيوخ الفرنسي، على رأسهم عضو المجلس نتالي غوليه، يتضمّن إحداث تغييرات جذرية في لبنان تقود إلى بناء الجمهورية الثالثة.
ولعل الخطوة الأولى في هذه التغييرات إجراء تحقيقات في الأموال التي حوّلها سياسيون مسؤولون في الشأن العام إلى الخارج منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019 تاريخ انطلاق الحراك الشعبي وحتى قبله.
وبحسب معلومات، فإن معظم المسؤولين الفرنسيين باتوا على قناعة بأن الحلّ للأزمة اللبنانية ليس بالمبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون من بيروت عقب انفجار المرفأ، والتي تؤدي على حدّ تعبيرهم إلى “تعويم” الطبقة السياسية التي يُحمّلها الشعب اللبناني والمجتمع الدولي مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في لبنان، وإنما بخطوات تأتي من الخارج مثل الطلب السويسري من أجل “تسريع” الحل”.
وفي السياق، أوضح عمر حرفوش، صاحب مبادرة استعادة الأموال المنهوبة : “أن القانون اللبناني يمنع استعادة الأموال المحوّلة إلى الخارج، من هنا بادرت بالتواصل مع مجلس الشيوخ الفرنسي والقاضي الفرنسي شارل براتس الذي يعتبر من أهم القضاة العاملين على استعادة الأموال المنهوبة، وشكّلنا وفداً وزرنا لبنان منذ أشهر والتقينا المعنيين من أجل إعداد قانون خاص لاستعادة الأموال، كما تلقّينا وعداً من رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب بتقديم طلب إلى السلطات السويسرية والأوروبية للتحقيق بالملف، إلا أنه لم يفِ بذلك”.
وأضاف “وعندما لم تتحرّك الحكومة اللبنانية، بادرت كرئيس لحكومة لبنان في المنفى إلى توجيه طلب إلى السلطات السويسرية للتحقيق في ملف تحويل أموال سياسيين ومسؤولين لبنانيين إلى الخارج، كما راسلت كلا من وزارة الخزانة الأميركية والاتحاد الأوروبي للتحرّك أيضاً على هذا الخط”.
ولم يستبعد حرفوش “أن تتحرّك السلطات الفرنسية في القريب العاجل من ضمن تحقيقات تُجريها مرتبطة بملفات مالية لشخصيات تعمل في الشأن العام ولمؤسسات رسمية كبيرة، منها مصرف لبنان والمصارف الخاصة”.
وأكد “أن ملف التحويلات المالية لمسؤولين لبنانيين فُتح على مصراعيه، والبداية مع حاكم مصرف لبنان باعتباره “المؤتمن” على السياسة المالية للبنان ويملك كل التفاصيل حول سبب الأزمة القائمة”.