أوجه الحقيقة – تونس –
في وقت أعلن فيه رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي، في كلمة أمام البرلمان خلال جلسة للتصويت على منح الثقة للتعديل الوزاري الواسع الذي أجراه، أنه يجب إصلاح الخلل في الحكومة، معتبرا أن تدارك الأزمة ممكن، طوقت قوات الأمن التونسية محيط البرلمان، لمنع مظاهرات مرتقبة مناوئة للحكومة ولحركة النهضة أمام مبنى البرلمان.
وعلى وقع أجواء مشحونة داخل البرلمان بسبب شبهات الفساد التي تلاحق عدداً من الوزراء المقترحين، تتحضر عشرات المنظمات والجمعيات التونسية إلى تظاهرات حاشدة، مساء الثلاثاء، وذلك للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية والإفراج عن المعتقلين خلال التظاهرات الأخيرة.
فقد انطلقت المسيرات بالفعل من الأحياء الشعبية الفقيرة ضواحي العاصمة تونس، ردا على تصريحات القيادي في حركة النهضة وصهر راشد الغنوشي، رفيق بوشلاكة، أساء وأهان فيها سكان هذه الأحياء واتهمهم بتلقي الأموال من أجل افتعال الاحتجاجات والتخريب.
ورفع المحتجون شعارات مناوئة لرئيس الحكومة هشام المشيشي ولحكومته ومناهضة لرئيس البرلمان راشد الغنوشي ولحركة النهضة، وهتفوا “يسقط حكم الإخوان” و ياغنوشي يا سفاح” و”فاسدة المنظومة الحاكمة والحكومة”، و”لا خوف لا رعب الشارع ملك الشعب”، “يسقط خكم البوليس..يسقط جلاد الشعب”.
في الأثناء، أعلنت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، دخول كتلتها في اعتصام مفتوح داخل مقر البرلمان، بداية من اليوم الثلاثاء، للمطالبة بإسقاط الحكومة التي يقودها هشام المشيشي وإزاحة راشد الغنوشي من رئاسة البرلمان.
وقالت موسي في ندوة صحفية من داخل مقر البرلمان، إن اعتصامها موجه للقوى البرلمانية المدنية التي ترفض التوقيع على عريضتي سحب الثقة من المشيشي والغنوشي، وذلك رغم إعلان هذه الكتل مساندتها للاحتجاجات التي تطالب بإسقاط منظومة الحكم الفاسدة.
ودعت موسي النواب للإمضاء على العريضة والتجنّد من أجل مساندة مطالب الشعب والوقوف في وجه الإخوان ووقف التلاعب بالمصالح العليا للبلاد و بالأمن الصحي الشامل، معتبرة أن الوضع لن يتغيّر إلاّ بخروجهما من الحكم، مشيرة إلى أنّ اعتصامها قابل للتصعيد حسب تطوّر الأوضاع في البلاد.
من جهتهم، انتقد عدد من النواب التعزيزات الأمنية المكثفة التي تحيط بمبنى البرلمان، حيث اعتبر النائب بدرالدين القمودي في تصريح صحفي، أن “جلسة نيل الثقة تنعقد اليوم في مناخ من الرعب والترهيب والعسكرة الأمنية”، مشيرا إلى أن “شعارات الحرية والديمقراطية تسقط أمام مناخ القمع المحيط بساحة باردو حيث يقع مقر البرلمان”.
بينما اعتبر النائب زياد غناي عن الكتلة الديمقراطية أن “البرلمان تحول إلى منطقة عسكرية”، مضيفا “أصبحت هذه المؤسسة محاصرة”.
وكان المشيشي قد اعتبر في حديثه اليوم، أنه يجب أن تتوقف الشعبوية وأن يتم استبدالها بالمسؤولية، مؤكداً أن تدارك الأزمة ممكن ولا مجال للاستسلام.
كما اعترف رئيس الحكومة التونسية بأن الأوضاع السياسية في البلاد “مضطربة”، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن “التحريض على التدمير واستعماله كوسيلة ضغط، لا ينفع شيئا ويضر بالبلد”، بحسب قوله.
يشار إلى أن تونس تعيش خلال الفترة الأخيرة احتجاجات واسعة في مختلف أنحاء البلاد، تخللتها أعمال شغب واشتباكات بين قوات الأمن ومتظاهرين.
وقبل ساعات من بدء التصويت، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد اعتراضه على التعديل الحكومي، ووصفه بغير الدستوري من الناحية الإجرائية، ملوّحاً بعدم قبول الوزراء الذين تحيط بهم شبهات فساد في حال منحهم الثقة في البرلمان.