مصر- أوجه الحقيقة
“قناة السويس” المعلوماتية!، هل كنتم تعلمون من قبل أن حوالي 17% من كل حركة الإنترنت في العالم تمر عبر أراضي مصر؟
كما تعتبر قناة السويس أهم الممرات التجارية والملاحية في العالم، فإن مصر بأكملها تعتبر من أهم ممرات كوابل الاتصالات العالمية، إذ يمرّ من خلالها 17 كابلاً رئيسياً للبيانات، وهي بذلك تحتل المرتبة الثانية من ناحية عدد الكابلات الرئيسية، بعد الولايات المتحدة.
المشاكل التي تواجه مصر
تعتبر مصر حلقة وصل بين حركة الإنترنت والاتصالات الآسيوية والأفريقية، وبين أوروبا، ولكنها الآن تواجه عدة مشاكل:
- البنية التحتية للشبكة الأرضية المصرية (التي تصل ما بين الكابلات البحرية من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط) لم تعد تستطيع مواكبة السرعات المطلوبة لنقل البيانات، وبالتالي باتت تعاني من ازدحام كبير.
- الرسوم التي تفرضها شركة الاتصالات المصرية على استضافة وصيانة هذه الكوابل (والتي وصلت إلى 2.9 مليار جنيه عام 2019) تعتبر من بين الأعلى في العالم.
- وجود بعض هذه الكوابل أسفل قناة السويس (التي ليست عميقة بما فيه الكفاية) يجازف بضرر أو تلف أجزاء منها بشكل مستمر.
لذلك، كما بدأنا نسمع عن محاولات بعض الدول، مثل إسرائيل، أو روسيا، للالتفاف على قناة السويس، أصبحنا الآن نسمع عن شركات تقنية عملاقة، مثل غوغل، تحاول الالتفاف على “قناة السويس المعلوماتية” في مصر.
ففي عام 2022، يتوقع أن تفتتح “غوغل” خط “بلو رامان”، وهو كابل اتصال بحري يبدأ الجزء الآسيوي منه في الهند، ويمر عبر سلطنة عمان والسعودية، وينتهي في ميناء العقبة، بينما ينطلق الجزء الأوروبي منه في إيطاليا، عبر إسرائيل، ليتصل بالكابل الآسيوي في العقبة.
إقرا أيضا: أغرب حقائق قناة السويس
ضغوط مصر بسبب قناة السويس
كلفة هذا الخط الجديد حوالي 400 مليون دولار، ومن المتوقع أن يخفف الضغط على مصر، ولكنه في نفس الوقت سيحرمها من مبلغ محترم يدخل خزينة الدولة سنوياً، ويعزز من مكانة إسرائيل كمنافس إقليمي في مجال نقل البيانات (حالياً تمتلك إسرائيل 3 نقاط اتصال بكوابل بحرية رئيسية).
على الجانب الآخر، أعلنت شركة الاتصالات المصرية في مارس إطلاق “الممر الدائري الأفريقي الهجين” (HARP)، وهي شبكة من الكوابل البحرية والبرية، تبدأ من أحدث نقطة اتصال في شرم الشيخ (والتي سترتبط مع الكوابل المارة عبر مدن قناة السويس)، وتلتف حول القارة الأفريقية بالكامل، وصولاً إلى أوروبا عبر ثلاث تفرعات في البرتغال وفرنسا وإيطاليا.
من المتوقع إتمام هذا المشروع عام 2023، وسيشمل إقامة نقاط اتصال بكوابل أرضية في دول الساحلين الشرقي والغربي الأفريقي، ما يعني إمكانية حصول الدول الأفريقية غير المطلة على البحر على خطوط ألياف بصرية (فايبر أوبتك) لإنترنت عالي السرعة.
هذا الممر لن يخدم أفريقيا فقط، بل سيخفف الضغط على الشبكة المصرية المزدحمة بالكوابل، وفي نفس الوقت سيضمن لمصر دخلاً إضافياً من رسوم استخدامه من قبل المشغلين الآسيويين والأوروبيين.
هل سيتمتع المصريون بإنترنت أكثر سرعة بسبب هذه المشاريع؟
الإجابة هي للأسف لا، لأن مصر أصلاً لا تستخدم حصتها بالكامل من الكابلات البحرية في الوقت الراهن، وذلك بسبب ضعف الشبكة الوطنية، مع تقديرات بالحاجة إلى 120 مليار جنيه لتحديث الشبكة المحلية والاستفادة بشكل كامل من حصة مصر (2.6 تيرابت في الثانية، ويُستخدم منها فقط 1.9 تيرابت في الثانية)، وإحلال الألياف البصرية محل الكابلات النحاسية التقليدية.
خلال السنوات الخمس الماضية، أنفقت مصر 26 مليار جنيه على التحديث، وما تزال مستمرة في الإنفاق.
مصر تجلس على ثروة معلوماتية، تُضاف إلى ثرواتها الطبيعية والبشرية، ولكن عليها الحذر من كيفية تعاملها مع هذه الثروات، بحيث يستفيد منها مواطنوها، ولا تثقل على مستخدميها الدوليين كثيراً لدرجة دفعهم للبحث عن بدائل.
خريطة قناة السويس
https://www.submarinecablemap.com/
(الخريطة توضح مسارات كوابل الاتصالات البحرية عبر مصر.