لبنان– اوجه الحقيقة
ازمة لبنان دمار في كل مرمى بصر والموت يطل من كل ركن تحت أكثر من علَم هكذا كان المشهد قبل خمسين عاما وهكذا يُخشى أن يتكرر مرة أخرى في لبنان، ودعونا نبدأ من البداية
الحرب الأهلية في لبنان
منذ سنة 1975 وإلى سنة 1990، أعوام لم تشهد فيها لبنان سوى الدم والصراعات المسلحة ما يناهز 150 ألف قتيل و300 ألف جريح بالإضافة لمن شُرّد وهُجِّرَ وخرب بيته مسيح موارنة ومسلمون سنّة وشيعة ودروز وفلسطينيون بالإضافة إلى إسرائيل وسوريا اللتان تدخّلتا بالوكالة دعما لفصائل لبنانية متناحرة، كلهم تقاتلوا واقتتلوا، بعدما حاول مسلحون فلسطينيون اغتيال السياسي اللبناني المسيحي بيار جميّل. في الثالث عشر من أبريل سنة 1975 بمنطقة عين الرُمّانة اندلعت الحرب واستمرت خمسة عشر عاما ولم تخمد نيرانها إلا بوساطة سعودية فيما سميّ باتفاق الطائف.
ما بعد حرب لبنان
في الثلاثين من سبتمبر سنة 1989 في مدينة الطائف السعودية وبجهود من الملك فهد ومساعي مفاوضات من رفيق الحريري تم حل ازمة لبنان وظهرت وثيقة وفاق وطني بين الأطراف المتنازعة في لبنان وضعت حد للحرب الأهلية وصادق عليه البرلمان اللبناني بعد شهر اتفاق الطائف رسم ملامح حقبة جديدة في تاريخ لبنان نظام سياسي جديد توزع فيه المناصب الأساسية بنسب محددة بين الطوائف المختلفة رئيس دولة مسيحي ورئيس برلمان شيعي ورئيس وزراء سنيّ مع تعزيز صلاحيات رئيس الوزراء نزع سلاح جميع المليشيات اللبنانية وغير اللبنانية باستثناء حزب الله الشيعي وتكوين جيش وحكومة لبنانية موحدة مع الإبقاء على انتشار للجيش السوري في أرض لبنان بعدها سنّ البرلمان اللبناني سنة 1991 قانونا للعفو عن جميع الجرائم السياسية منذ سنة 1975 لتطوى صفحة الحرب وتفتح صفحة البناء
رفيق الحريري ؛ ماسح حزن بيروت
خرجت لبنان من الحرب دولة محطمة وبيروت مدينة أشباح حتّى رجع الحريري إليها فبالإضافة للدور المحوري الذي لعبه في صياغة اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب وظّف رفيق الحريري ثروته وعلاقاته التي كوّنها في سنوات عمله بالمملكة السعودية لصالح بلده وباستلامه منصب رئيس وزراء لبنان سنة 1992
عمل على إعادة إعمار لبنان جلب إليها الاستثمارات أصبحت بيروت على خارطة المدن الأكثر جذبا على الخارطة أدخل الانترنيت وعمل على تعصير المجتمع اللبناني بالتعليم والإعمار وأنعش الليرة فكان من الطبيعي أن تمثل حادثة اغتيال رجل بحجمه نقطة تحوّل جديدة بتاريخ لبنان
تفاصيل اغتيال رفيق الحريري
في الرابع عشر من فبراير 2005 تم اغتيال رفيق الحريري في قلب بيروت بقنبلة استهدفت موكبه وجّهت حينها أصابع الاتهام إلى تورّط نظام بشار الأسد في الاغتيال فاندلعت ثورة الأرز وانتهت بخروج القوات السورية من لبنان بعد ثلاثين عاما من الوصاية الأمنية والسياسية لدمشق على البلد.
خرجت القوات السورية لكنها تركت أنصارا وأتباعا لبنانيين حركة أمل الشيعية وحزب الله وأحزاب من تمثيلات طوائف أخرى خرجوا في مظاهرة لشكر سوريا على ما قدمته للمقاومة اللبنانية في دفاعها عن التراب اللبناني على حد تعبيرهم انضم إليهم فيما بعد التيار الوطني الحر ذو الأغلبية المسيحية فاجتمعوا في تحالف حمل نفس إسم اليوم الذي خرجوا فيه “تحالف الثامن من آذار/مارس” هذا التحالف خلق تحالفا مضاد له حمل إسم “الرابع عشر من آذار” يتكون من كبار الأحزاب والحركات السياسية التي ثارت على الوجود السوري في لبنان بأسماء مثل سعد الحريري نجل رفيق الحريري وسمير جعجع ووليد جنبلاط طالبوا بإقامة محكمة دولية لمحاكمة قتلة رفيق الحريري وبالفعل ذلك ما حصل
محكمة الخمسة عشر عاما
بموجب مرسوم صادر عن الأمم المتحدة تشكلت محكمة دولية خاصة للتحقيق فقط بقضية اغتيال رفيق الحريري ومقرها لاهاي بهولندا مرت ثلاثة عشر عام على تأسيسها وخمسة عشر عاما على اغتيال الحريري ولازال لم ينطق في الحكم بعد طيلة هذه السنوات شهدت لبنان الممزقة بين الطوائف عدة أزمات
بدءًا بحرب تموز سنة 2007 واللتي خاضها حزب الله ضد إسرائيل فكبدت لبنان خسائر جسيمة مرورا بأزمات الحكومات وانقطاع الكهرباء المتواصل وأزمة القمامة إلى الحراك الشعبي “كلكن يعني كلكن”.
الأوضاع الاقتصادية في لبنان 2021
فانهار الاقتصاد، نزلت الليرة إلى أدنى مستوياتها، تغوّل الدولار،زادت ازمة لبنان وبدأ شبح الإفلاس يحوم فوق سماءها، وفي الموعد الذي انتظره الجميع لسنوات للنطق بالحكم ومعرفة هوية صاحب جريمة الاغتيال انفجر الوضع في بيروت انفجر حرفيا انفجار مرفأ بيروت تزامن مع قرب إعلان المحكمة الدولية لنتيجة تحقيقاتها في السابع من أغسطس سنة 2020 مما حمل البعض إلى التأويل أن من يقف خلف الانفجار هو نفسه الطرف الذي اغتال رفيق الحريري فيما ذهب البعض الآخر إلى أن انفجار بيروت هو محطة لتغيير وجه السياسة في لبنان مرة أخرى مثلما كان اغتيال الحريري محطة غيرت السياسة في بلد الأَرْزْ
كلها روايات لكن الرواية التي يخشاها الجميع هو عودة لبنان إلى الحرب الأهلية عند انكشاف حقيقة اغتيال الحريري في الثامن عشر من أغسطس من هذا العام وانسياق الأطراف إلى الانتقام فتكون لبنان عروسا منهكة ساقت نفسها للانتحار مجددا.
إقرأ المزيد: محقق انفجار بيروت يجري محاكاة ليوم وقوع الكارثة